المحاضرة السادســــــــــــــــــــــــــــــــــــــة:

المطلب الثالث :أساليب تنظيم ممارسة الحريات العامة وحدودها:

تتعدد أساليب ممارسة الحريات العامة إلى أنواع محددة بموجب نصوص قانونية ،كما أن لهذه الممارسة حدودا معينة نصعليها القانون.

الفرع الأول/أساليب تنظيم ممارسة الحريات العامة:

لقد نظم المشرع الجزائري كيفية ممارسة الحريات العامة بشكل مشروع ووفقا لظواط قانونية محددة عن طريق التشريع بكل أنوعه،وعلى ذلك أقر مجموعة من الأساليب التي تمارس من خلالها الحريات العامة من قبل الأفراد والتي  تستخلص من دراستنا لأنواع الحقوق الفردية و الجماعية ،وتتمثل في الأتي:

1- أسلوب حرية النشاط:

 يقصدبه أن التشريع قد سمح به دون أي قيد أوشرط ولم يضع له ضوابط معينة وهذا مايصطلح على تسميته بالعمل المباح الذي لم يدخله التشريع في نطاق التجريم أوالتقييد الإداري.

2- أسلوب الإخطار:

في هذه الحالة لاتمارسة الحريات العامة إلا بعد اللجوء للجهة المختصة لإخطارها بالرغبة في ممارسة عمل معين كالتجمعات الشعبية بالنسبة للأحزاب السياسية أو الإضرابات بالنسبة للنقابات العمالية ، ويجب إحترام هذا الإجراء الذي يعد إجراء أوليا للحصول على الترخيص الإداري لممارسة الحريات العامة خاصة الجماعية منها ،ويترتب عن خرق هذا الأسلوب عدم مشروعية النشاط المشكل للحرية الشخصية أو الجماعية مما قد يخضع صاحبه للمساءلة القانونية.

3- أسلوب الترخيص المسبق:

هذا قيد إداري تختص به الهيئات العمومية التابعة للدولة كوزارة الداخلية والجماعات المحلية التابعة لها،ويقصد به وجوب حصول صاحب المصلحة على رخصة تسمح له بالقيام بنشاط ما ومثال ذلك التجمعات الحزبية التي لا يمكن إقامتها إلا بناء على طلب للجهة المختصة لأجل الترخيص لها بالتجمع أو التظاهر السلمي.

4- أسلوب المنع والحضر:

 يقوم هذا الأسلوب على تقييد ممارسة بعضا من الحريات العامة لظروف معينة وأسباب خاصة أو لطبيعة التنظيم الإداري لهذه الأنشطة كتحديد أيام ومواقيت و أمكنة معينة يحضر فيها ممارسة هذه الحريات العامة ومثالها منع التظاهرأمام المسشفيات ومراكز الشرطة والهيئات القضائية وكذلك منع التنقل في أوقات محددة كمنع التجول بسبب الحجر الصحي . 

5- أسلوب الردع : يعتبر من أشد الأساليب الماسة بحرية الأفراد نظرا لإستناده في غالب الأحيان على جزاء ذا طابع إداري عن الفعل المرتكب من قبل الشخص وتختص به الإدارة العامة كوقف النشاط التجاري عن طريق تعليق السجل التجاري لمدة معينة أو عن طريق القضاء الإداري فيما يتعلق بحل الأحزاب السياسية .

الفرع الثاني/ حدود ممارسة الحريات العامة:

لكل موضوع ضوابط وأحكام قانونية تحدد طبيعته ونطاق تطبيقه،وهذا ما ينطبق على موضوع الحريات العامة التي أقرها التشريع بصورة نسبية لا مطلقة ،حينما حدد نظامها وأساليب وحدود ممارستها، فإقتضت على المجتمع التقيد بهذه القوانين بكل أنواعها: ( الدستور،التشريع العادي،التشريع الفرعي) حتى لا يقع في المحضور وتكون تصرفاته غيرمشروعة وتترتب عليها المساءلة القانونية.

لقد درسنا أنواع الحريات العامة فوجدنا أن كل نوع منها قد نص عليه الدستور ونظمته القوانين العادية تنظيما محكما تضمن حدود ممارسة هذا النوع من الحريات فمثال ذلك حق الترشح والإنتخاب نص عليه الدستور كمبدأ دستوري ونظمه بتشريع عادي يتعلق بقانون الإنتخابات،فكل النصوص القانونية المتعلقة بالحريات العامة تعتبر حدودا لها لا يمكن للفرد تجاوزها.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

المحاضــــــرةالسابعـــــــــــــــــــــــــة:

المطلب الرابع /ضمانات ممارسة الحريات العامة:

لا يمكن ممارسةالحريات العامة دون وجود ضمانات تحميها،وتأسيسا على ذلك إهتم التشريع الدولي والوطني بهذه المسألة المهمة لإرتباطها بالحقوق الأساسية للإنسان،فماهي هذه الضمانات؟

 الفرع الأول/ الضمانات ذات الطابع الدولي:

تعتبر من أهم الضمانات القانونية وتشمل المواثيق والاتفاقيات الدولية والإقليمية ومن أهمها:

- ميثاق الأمم المتحدة،

- الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الصادر في 10/04/1948

- الإتفاقية الدولية للحقوق المدنية والسياسية المؤرخة في 16/12/1966

- الإتفاقية الدولية للحقوق الإقتصادية والإجتماعية والثقافية المؤرخة في 16/12/1966

- الإتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان الموقعة في 04/11/1950 بروما

- الإتفاقية الإمريكية لحقوق الإنسان

- الميثاق الإفريقي لحقوق الإنسان الموقعة في 28/07/1981

- الميثاق العربي لحقوق الإنسان الموقعة في 15/09/1997

الفرع الثاني/ الضمانات القانونية:

تشمل كل من الرقابة الدستورية ومبدأ الفصل بين السلطات ومبدأ المساواة ، فما مفهوم هذة الضمانت ذات الطابع الوطني؟

أولا/ الرقابة الدستورية:

بإعتبار الدستور هوالتشريع الأساسي والقانون الأسمى للدولة إقتضى أن لا تتعارض معه التشريعات الدنية العادية أو الفرعية منها،حتى نحافظ على سموه ومنه نحمي مبدأ سيادة القانون،وعلى ذلك فإن أي تعارض مع النصوص الدستورية يترتب عنه إلغاء هذه النصوص العادية أو الفرعية محل التعارض ،وذلك وفقا لألية الطعن فيها بعدم الدستورية أمام المحكمة الدستورية المشكلة حديثا بالجزائر بدلا عن المجلس الدستوري سابقا.

 

ثانيا/ مبدأ الفصل بين السلطات:

هذا ما أقرته كل الدساتير الجزائرية بمافيها التعديلات الأخير لسنة 2020،حيث تم الفصل بين السلطات الثلاث التشريعية ،التنفيذية و القضائية وحددت صلاحيات واختصاصات كل سلطة على حدى،دون أن يكون أي تداخل بينهم إلا في حدود ما يقتضيه القانون،لحماية الحقوق والحريات العامة.

ثالثا/ مبدأسيادة القانون:

معناه خضوع الكل للقانون بما فيه الدولة والهيئات التابعة لها والقاطنين على إقليمها، مع إحترام مبدأ الشرعية القانونية الموضوعية منها والإجرائية التي تتضمن في الأصل ضمانة وحماية لحق ممارسة الحريات العامة،ويرتبط هذا المبدأ .

رابعا/ الرقابة القضائية:

للقضاء سلطة تطبيق القوانين الضامنة للحقوق والحريات العامة ،فأي إنتهاك لها من قبل الأفراد أو من الإدارة يمكن للقضاء التدخل بناء على طلب صاحب المصلحة أو الشخص المتضرر للمطالبة بالحماية القانونية الجزائية أو المدنية أو كليهما معا،وحتى عن طريق اللجوء للقضاء الإداري في حدود إختصاصه القانوني.

 


المحاضــــــــــــــــرة الرابعــــــــــة:

4:حرية التجمعات و المظاهرات:

وتعني حق الفرد في الإنظمام و المشاركة في أي جمعية او حزب سياسي و حضور الإجتماعات و المشاركة فيها و القيام بالتظاهرات سواء الثقافية منها أو السياسية ، ولقد نصت على هذه الحرية الإعلان العالمي لحقوق الإنسان المادة 20/1 " لكل شخص الحق في حرية الإشتراك في الجمعيات و الجماعات السلمية ،لا يجوز إرغام أحد على الإنظمام إلى جمعية ما"

أ- التجمعات(الإجتماعات العامة):

يقصد به " اللقاء العمومي الذي يلتقي من خلاله مجموعة من الأشخاص على مستوى مكان محدد و معين مسبقا ، للتشاور و تبادل الآراء و الأفكار حول موضوع ما قد يكون إجتماعيا ، سياسيا ، إقتصاديا، او ثقافيا ، وذلك مرة واحدة أو عدة مرات.

و يتم الإجتماع العام بطبيعة الحال في مكان عام و تكون الدعوى عامة أوخاصة بحيث تقتصر على فئة معينة من الأشخاص كالمناظلين المنخرطين في حزب ما أو العمال المنطوين تحت نقابة ما مثلا.

ولقد نص الدستور الجزائري على ذلك في المادة 57 منه " حق إنشاء الأحزاب السياسية معترف به ومضمون " ومنحها حق الإجتماع والتظاهر السلمي وفقا لنص المادة 58/1

ولقد تم تقييد الإجتماعات العمومية و تنظيمها بموجب القانون الذي حدد كيفيات سير الإجتماعات و المظاهرات ،فأوجب على كل من يرغب في الدعوى إلى إقامة  إجتماع عام  أن يكون متمتعا بحقوقه المدنية و السياسية ،ويتقدم بطلب للجهة الإدارية المختصة ، يحدد فيه تاريخ و الساعة المراد الإجتماع فيها و مكان انعقاده و المدة الزمنية التي سيستغرقها و عدد الأشخاص المحتمل حضورهم بالتقريب  و موضوع الإجتماع ، مع تحديد أسماء و ألقاب أصحاب الطلب و موطن إقامتهم .

ولا يجوزإقامة هذه التجمعات على مستوى الطريق العام أو أمام أماكن العبادة كالمساجد مثلا أو المساكن بل يجب ان تتم في الأماكن العامة الخاصة أو التابعة للدولة كالقاعات الرياضية و الملاعب.

ويستصدر التصريح من الجهة المختصة بإصداره وهي الولاية أو المجلس الشعبي البلدي و هذا قبل ثلاثة أيام سابقة على التاريخ المقرر للإجتماع.

و يتضمن هذا التصريح أسماء المنظمين و ألقابهم الثلاثية وعناوينهم ،و رقم بطاقة التعريف الوطنية و تاريخ تسليمهم التصريح و مكانه، و يحدد فيه الهدف من الإجتماع وعدد الأشخاص المفترض حضورهم ومكانه و تاريخه و ساعته التي ينعقد بها و مدته.

5- حرية المظاهرات:

يقصد به التواجد الجماعي على مستوى الطريق العمومي لغرض التجمهرمن أجل الإحتجاج السلمي و إبداء المعارضة و لكن في إطار القانون ووفق ضوابطه.

أو هي تلك المواكب و الإستعراضات او تجمهر عام تجري بالطريق العمومي ، على ان تكون شعارا للمظاهرات السياسية أو المطلبية ،مع تحديد مدة الإنتهاء من المظاهرات وأن لا تتجاوز الساعة التاسعة ليلا.

وحرية التظاهر نصت عليها المادة 52 من الدستور بقولها: (حرية الاجتماع وحرية التظاهر السلمي مضمونتان وتمارسان بمجردالتصريح بهما .. ) .ولقد حددت النصوص القانونية العادية كيفية التظاهرالسلمي و آلياته،

 ويقصد بمفهوم الطريق العمومي على أنه كل شارع أو طريق أو جادة أو نهج أو ساحة أو سبيل مخصصة للمواصلات العامة ، لذلك يمنع التجمهر إذا كان يترتب عنه إستحالة إستعمال الطريق العمومي أو حتى عرقلة ذلك.

ولا تتم المظاهرة إلا وفقا لآليات قانونية محددة ،تبدأ بإستصدار الترخيص بالتظاهر عن طريق تقديم طلب بذلك يتضمن صفة المنظمين  وأسمائهم كاملة و بالنسبة للجمعيات   يذكر إسمها ، مقرها ، توقيع رئيسها  و أمينها أو من يفوضانه لذلك. مع تحديد المسلك الذي تعبره المظاهرة  و اليوم و الساعة و الوسائل المقررة لضمان سيرها.

يقدم هذا التصريح لمصالح السيد الوالي الذي تسلمهم وصلا بالتصريح لإستظهاره من قبل المنظمين عند الإقتضاء.

المظاهرات غير المرخص بها  تعتبرغير مشروعة وتشكل جنحة التجمهر التي يعاقب عليها القانون،

وتبقى مسؤولية المنظمين المدنية في حالة وقوع تجاوزات أثناء سير المظاهرة قائمة وتقتضي التعويض لكل من أصابه ضرر.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

المحاضرة الخامســــــــــــــــــــة:

ثانيا/الحقوق الإقتصادية و الإجتماعية:

1 / الحق في العمل و حرية إختيار المهنة المناسبة:

تعتبر من الحقوق الإجتماعية التي إقتضتها طبيعة الحياة و إستمرارية الحياة للفرد و العائلة، و على هذا الأساس فإن لكل فرد في المجتمع الحرية في إختيار العمل الذي يتناسب و تكوينه و ذلك في إطار الضوابط القانونية و اللوائح التنظيمية لقطاع العمل .

فالحرية كما هو ملاحظ ليست مطلقة بل هي حرية نسبية تخضع لمجموعة من القيود ذات الطابع الإداري و التنظيمي.

ففي مجال تطبيق مبدأ الحرية التجارية و الإقتصادية نجد أن الشخص المستثمر أو صاحب المشروع التجاري لا يمكنه الإستثمار أو إنجاز مشروع ما إلا بعد توفر مجموعة من الشروط كوجوب حصوله على سجل تجاري و دفع الضرائب المستحقة و تسديد مستحقات التامين ، وحتى في مجال العمل الفردي داخل المؤسسات فإن العامل لا تسند له وظيفة ما إلا وفقا لشروط معينة يجب أخذهل بعين الإعتبار كعامل السن و الخبرة و المؤهل العلمي، و قد تسند له مهمة داخل المؤسسة تتعارض مع رغبته بل تتعارض و طبيعة مهنته المذكورة بعقد العمل أو بقرار التعيين.

ولقد نص إعلان حقوق الإنسان و المواطن في مادته 23 على :

1- لكل شخص الحق في العمل و له حرية إختياره بشروط عادلة مرضية ، كما أن له حق الحماية من البطالة.

2- لكل فرد دون تمييز الحق في أجر كتساو للعمل.

3- لكل فرد يقوم بعمل الحق في أجر عادل مرض يكفل له و لأسرته عيشة لائقة بكرامة الإنسان مع الحماية الإجتماعية.

اما المشرع الجزائري فقد نص في المادة 55 من الدستور " لكل المواطنين الحق في العمل"

يضمن القانون في أثناء العمل الحق في الحماية و الامن و النظافة ، الحق في الراحة مضمون و يحدد القانون كيفيات ممارسته.

لقد أصبح الحق في العمل بالنسبة للجزائر مبدءا دستوريا تم تدعيمه بمجموعة من النصوص التشريعية و التنظيمية الخاصة بالعمل،  و المتعلقة أساسا بالقانون 90/11 المؤرخ في 21 افريل 1990 المعدل و المتممم.

- الأمر رقم : 21/29 المؤرخ في 21 ديسمبر 1991

- المرسوم التشريعي رقم : 94/03 ، المؤرخ في : 11 افريل 1994.

- الأمر رقم : 96/21 المؤرخ في 09 يوليو 1996.

- الأمر رقم : 97/02 المؤرخ في 11 جانفي 1997.

- الامر رقم 97/03 المؤرخ في 11 جانفي 1997.

والخاصة كلها بعلاقات العمل الفردية و الجماعية بين العمال الأجراء و المستخدمين ، و نصت على حقوق العمال الأساسية في المادة 05 منه :

- ممارسة الحق النقابي – التفاوض الجماعي- المشاركة في الهيئة المستخدمة .

- الضمان الإجتماعي و التقاعد ، الوقاية الصحية ، و الأمن و طب العمل.

- الراحة

- المساهمة في الوقاية من نزاعات العمل و تسويتها.

- اللجوء إلى الإضراب.

كما نصت المادة 6 " أنه يحق للعمال أيضا في إطار علاقة العمل ما يأتي:

- التشغيل الفعلي

- إحترام السلامة البدنية و المعنوية و كراكتهم

- الحماية من أي تمييز لشغل منصب عمل غير المنصب القائم على أهليتهم و إستحقاقاتهم.

- التكوين المهني و الترفيه في العمل .

- الدفع المنتظم للأجر المستحق

- الخدمات الإجتماعية

- كل المنافع المرتبطة بعقد العمل إرتباطا نوعيا.

كما نصت المادة 33، 44 ، 35 ، على العمل و الراحة القانونية  43 ، 33 حق العامل في الراحة يوم كامل في الأسبوع و تكون الراحة الأسبوعية العادية في ظروف العمل العادية يوم الجمعة.

المادة 34 " يحدد القانون أيام الأعياد و العطل المدفوعة الأجر .

المادة 35 " يعتبر يوم الراحة الأسبوعي و أيام الأعياد و العطل أيام  قانونية".

الامر 97/03 المؤرخ في : 11 جانفي 97 ص 48 :

كما نصت المادة 66 في حال إنتهاء علاقة العمل :

البطلان أو الإلغاء القانوني

- إنقضاء اجل عقد العمل ذي المدة

- الإستقالة                                                                 

- العزل

- العجز الكامل عن العمل كما ورد تحديده في التشريع.

- التسريح للتقليص من عدد العمال

- إنتهاء النشاط القانوني للهيئة المستخدمة.

- التقاعد

- الوفاة

2/ الحق في الإضراب :

لقد نص عليه الدستور الجزائري في المادة 57 " الحق في الإضراب معترف به و يمارس في إطار القانون  يمكن أن يمنع القانون ممارسة هذا الحق او يجعل حدود الممارسة في ميادين الدفاع الوطني و الأمن أو في جميع الخدمات او الأعمال العمومية ذات المنفعة الحيوية للمجتمع.

لكن بعدالتعديل الدستوري لسنة 2020 لم ينص على الاضراب ضمن الحقوق الأساسية والحريات العامة وترك المشرع شأن ذلك للقوانين العادية لتنظيمه ، كالقانون رقم : 90/02 المؤرخ في 06 فيفري 1990 المعدل و المتمم بالقانون رقم: 91/27 المؤرخ في : 21 فيفري 1991 ، والذي إعتبرالاضراب الوسيلة الأخيرة التي يمكن للعمال اللجوء إليها من أجل حل نزاعاتهم ضمن الشروط التالية:

أ/ موافقة العمال على الإضراب:

وذلك عن طريق عقد جمعية عامة للعمال بعد إشعارالمستخدم بذلك و تتم الموافقة على الإضراب  عن طريق الإقتراع السري و بأغلبية العمال المجتمعين في الجمعية العامة التي يجب أن يحضرها نصف عدد العمال على الأقل.

ب/ الإشعار المسبق بالإضراب :

يتم الدخول في الإضراب بعد إنتهاء أجل الإشعار المسبق ، الذي تحدد مدته إبتداء من تاريخ إيداعه لدى المستخدم و إعلام مفتشية العمل المختصة إقليميا،لا يمكن ان تقل هذه المدة عن 08 أيام .

وللإشارة فإن علاقة العمل لا تنتهي بالإضراب و يمنع أي توظيف أو تعيين لعمال آخرين قصد إستخلاف المضربين، ما عدا في حالات التسخير الذي تأمر به السلطات الإدارية، أوفي حالة  رفض العمال ضمان الحد الأدنى للعمل المتفق عليه ، ويمنع تسليط اي عقوبة على العمال المضربين .

 



المحاضـــــــرة الثالثـــــــــــــــــــــــــــــــة:

المطلب الثاني/أنوع الحريات العامة

بعد دراسة المباديء و الحقوق الأساسية التي يمكن من خلالها ممارسة الحريات العامة بشكل فعلي و قانوني ،ننتقل إلى دراسة أنواع الحريات العامة ، التي تنقسم إلى حريات فردية و حريات جماعية.

الفرع الأول/ الحريات الفردية :

 هي تلك الحقوق و الحريات المرتبطة بشخص الفرد و ذاتيته و التي عن طريقها يستطيع أن يعبر عن شخصه و يفرض و جوده داخل المجتمع بإعتباره كائن حي ، فينتقل حيث يشاء و متى شاء و يقرر مصيره بنفسه و يعبر عن رأيه و تفكيره دون أي إكراه و يكون عائلة له ويتخذ لها مسكنا.

وعلى هذا الأساس فإن الحريات الفردية "الشخصية" تتنوع في ذاتها و تتشعب إلى عدد من الحريات و سندرس أهمها:

أولا/- حرية التنقل:

تعني الحق في الإنتقال من مكان لآخر عن طريق السفر أو الترحال دون قيد أو شرط ،في أي وقت ولأي مكان،ولقد كانت حرية الفرد في التنقل قديما واسعة نظرا لإنعدام القيود  بين تلك الشعوب و خاصة في مجال الرحلات التجارية، و لكنها قيدت في العصر الحديث نظرا لتطور المجتمع الدولي و الأنظمة السياسية و سعيها لحماية حدودها من ظاهرة الهجرة السرية و الأمراض المتنقلة و الجريمة المنظمة .

ولقد أقرها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في نص المادة 13 منه " لكل فرد الحق في حرية التنقل و في إختياره محل إقامته داخل حدود الدولة – لكل فرد الحق في مغادرة أي بلد بما في ذلك بلده أو العودة إليه"

والمادة 14" لكل فرد الحق في أن يلجأ إلى بلاد أخرى أو يحاول الإلتجاء إليها هروبا من الإضطهاد"

كما نص عليها الميثاق الدولي الخاص بالحقوق المدنية و السياسية في المادة 12/3 " لا يجوز تقييد المذكورة أعلاه بأي قيود غير التي ينص عليها القانون وو تقتضيها حماية الأمن القومي أو النظام العام أو الصحة العامة  أو الآداب العامة  او حقوق الغير أو حرياتهم ...

والمادة 13 منه " يمنع إبعاد أي اجنبي عن إقليم إحدى الدول الأطراف في الميثاق إن كان موجودا فيه بصورة قانونية، إلا تنفيذا لقرار صادر و فقا للقانون ما لم تقضي ضرورات الأمن القومي بغير ذلك ، وتقديم الأسباب المبررة لعدم إبعاده و عرض قضيته على السلطة المختصة ،أو على من تم تعيينه أو تعيينهم خصيصا لذلك أو توكيل من يمثله عنها"

وهذ ما أكد عليه المشرع الجزائري من خلال نص المادة49من الدستور " يحق لكل مواطن يتمتع بحقوقه المدنية و السياسية أن يختاربحرية موطن إقامته و ان ينتقل بحريةعبر التراب الوطني،

لكل مواطن الحق في الدخول إلى التراب الوطني و الخروج منه .

لا يمكن تقييد هذه الحقوق إلا لمدة محددة،وبموجب قرر معلل من السلطة القضائية.*

ثانيا/ حرية الرأي والتعبير:

 تعتبر من اهم الحقوق و الحريات التي يحتاجها إنسان في الوقت الحال نظرا للتطور الإجتماعي و السياسي و الإقتصادي ، أين يمكن لهذا الإنسان أن يبدي آرائه و يعبر عن أفكاره بكل حرية ، وعن طريق اي وسيلة مشروعة.

و حرية الرأي نصت عليها المادة 10 من ميثاق حقوق الإنسان و المواطن الفرنسي " لا يجوز متابعة اي شخص بسبب آرائه حتى الدينية منها إذا لم تمس النظام العام المنصوص عليه"

وكذا الميثاق العالمي لحقوق الإنسان من خلال نص المادة 18 " لكل شخص الحق في حرية الرأي و التعبير و يشمل هذا الحق حرية إعتناق الآراء دون أي تدخل ، تلقي الأفكار و الأخبار و إذاعتها بأية وسيلة دون قيد بالحدود الجغرافية.

ولقد نص المشرع الجزائري على حرية الرأي بموجب المادة51 منه" لا مساس بحرمة حرية الرأي" وضمن حرية التعبير بموجب المادة 52 التي تنص على أن:(حرية التعبير مضمونة).

كما تضمنت المادة 74 من الدستور ضمانة أخرى تتعلق بحرية الابداع الفكري التي تدخل في نطاق حرية الرأي والتعبير( حرية الإبداع الفكري بما في ذلك أبعاده العلمية والفنية مضمونة) .

ثالثا/ حرية حماية المسكن: وهو أصلا يعتبر حقا من الحقوق التي تحتاج للحماية القانونية ،و تتمثل الحرية في عنصري الإختيار و الإستعمال ، فالشخص حر في اختيار وإنتقاء المسكن الذي يبتغيه في أي موقع يريد حسب إمكانياته و في إطار القانون.

أماحرية الإستعمال  فله الحرية في التمتع  بمسكنه عنطريق الاستغلال المباشر أو غير المباشر بشرط إحترام النظام العام و الآداب العامة .

و يمتد مفهوم المسكن من حيث المكان ليشمل الحديقة و الفناء ، ولقد أكدت على هذه الحرية المادة 12 من الميثاق الدولي لحقوق الإنسان، كما نص عليها الدستور الجزائري في المادة 48 التي جاء فيها مايلي: (تضمن الدولة عدم إنتهاك حرمة المسكن،

لا تفتيش إلا بمقتضى القانون و في إطار إحترامه،

لا تفتيش إلا بأمر مكتوب صادر عن السلطة المختصة).

إذ نلاحظ أن للمسكن حرمة دستورية أضفاها المشرع الجزائري لما له من أهمية في حياة الشخص من حيث الإحساس بالأمن و السلامة و الإستقرار داخله، وعلى هذا الأساس فإنه لا يمكن الدخول إلى مسكن ما دون رضا صاحبه و إذنه ، إلا إذا إقتضت الضرورة ذلك كحريق المسكن و الدخول لنجدة أصحابه.

او حالة التفتيش القانوني الذي يكون بموجب إذن كتابي تصدره الضبطية القضائية من السيد وكيل الجمهورية وفقا لنص المادة 44 ق.إ.ج. " لا يجوز لضباط الشرطة القضائية الإنتقال إلى مساكن الأشخاص الذين يظهر انهم ساهموا في الجناية أو انهم يحوزون أوراقا أو اشياء متعلقة بالأفعال الجنائية المرتكبة لإجراء تفتيش إلا بإذن مكتوب صادر عن وكيل الجمهورية أو قاضي التحقيق مع وجوب إستظهار هذا الأمر فبل الدخول إلى المنزل و الشروع في التفتيش"

مع التقيد واحترام ما نصت عليه المادة 45 من ق.إ.ج. 1/2

- حضور المعني بالأمر أو ممثله

- شاهدين

- السر المهني

- تحرير محضر جرد للأشياء و المستندات المضبوطة.

المادة 47 ق.إ.ج "لا يجوز قبل الساعة الخامسة صباحا و لا بعد الساعة الثامنة مساءا، إلا جرائم المخدرات المواد 342-348 ق.ع.

المادة48 ق.أ.ج. "يجب مراعاة الإجراءات التي إستوجبتها المادتان 45، 47 و يترتب عن مخالفتها البطلان.

وقد نصت المواد 79 إلى 84 ق.إ.ج. على أن يكون التفتيش من قبل قاضي التحقيق شخصيا

الحماية القانونية لحرمة المنازل في قانون العقوبات.

المادة 295 ق.ع" كل من يدخل فجأة أو خدعة أو يقتحم منزل مواطن يعاقب بالحبس من سنة إلى 5 سنوات و بغرامة من 1000 إلى 10000 و إذا إرتكب الجنحة بالتهديد أو بالعنف تكون العقوبة بالحبس من 5 سنوات على الاقل إلى 10 سنوات على الأكثر و بغرامة من 5000 دج إلى 20000دج.

رابعا/ حرية المراسلات و الحق في حمايتها:

نص عليها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في المادة 12 كما نص عليها الميثاق الدولي الخاص بالحقوق المدنية و السياسية في المادة 17

وقد أكد  عليها المشرع الجزائري من خلال نص المادة 47/2 " لكل شخص الحق في سرية مراسلاته و إتصالاته الخاصة في أي  شكل كانت"

وعلى هذا الأساس فإن الحق في الحماية يشمل الرسائل و المكالمات الهاتفيةوكل وسائل التواصل الحديثة لكن  إذا إقتضت المصلحة العامة غير ذلك فإنه يجوز للشرطة القضائية بأمر قضائي او حكومي أن تخترق هذا الحق عن طريق وسائل التحري الخاصة .

المادة 303 ق.ع. " كل من يفض أو يتلف رسائل أو مراسلات موجهة إلى الغير و ذلك بسوء نية و في غير الحالات المنصوص عليها في المادة 137 " يعاقب بالحبس من شهر واحد إلى سنة و بغرامة من 25000 إلى 100.000 دج او بإحدى هاتين العقوبتين.

المادة 137 ق.ع " كل موظف أو عون من أعوان الدولة أو مستخدم أو مندوب عن مصلحة البريد يقوم بفض أو إختلاس أو إتلاف رسائل مسلمة إلى البريد او يسهل فضها او إختلاسها أو إتلافها يعاقب بالحبس من 03 أشهر إلى 05 سنوات و بغرامة من 30.000إلى 500.000 دج. ويعاقب بالعقوبة نفسها كل مستخدم أو مندوب في مصلحة البرق يختلس أو يتلف برقية أو يذيع محتواها.  

كما نص قانون تنظيم السجون على هذ الحق من خلال بنص المادة55 "( للمحكوم عليهم حق مراسلة أقاربهم و أي شخص آخر بشرط ان لا تسبب هذه المراسلة أي ضرر في إعادة تربيتهم و أي إضطراب في حفظ النظام.

يراقب رئيس المؤسسة كل المراسلات التي توجه من طرف المساجين أو ترد عليهم.)

ونصت المادة 56  منه (" لا تخضع لمراقبة رئيس المؤسسة المراسلات المغلقة الموجهة ىمن طرف المساجين إلى المدافعين عنهم أو التي يوجهها هؤولاء إليهم، بشرط أن يشاهد على الغلاف ما يثبت بدون إلتباس أنها صادرة من المدافع او موجهة إليه).

خامسا/- حرية المعتقد(الحرية الدينية):

حسب ما عرفها الفقهاء فهي حق الإنسان في الإعتقاد أوعدمه بأي دين من الديانات ، مع إمتداد هذا الحق للدعوة والتبليغ لدينه و تعليم مبادئه و نشره بين الشعوب، مع حريته الكاملة في ممارسة شعائره الدينية.

وحرية المعتقد  أقرته الشريعة الاسلامية في العديد من الأيات القرأنية الكريمة كقوله تعالى: "لا إكراه في الدين" ، وقوله " لكم دينكم ولي دين"

ولقد نصت على هذا المبدأ المادة 10 من ميثاق حقوق الإنسان و المواطن الفرنسي لسنة 1779 " أنه لا يجوز التعرض لأي شخص كان بسبب ارائه حتى الدينية منها ، إذا كانت لا تمس في مظاهرها النظام العام الذي يضعه القانون العالمي.

كما نصت عليه المادة 18 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان " لكل شخص الحق في حرية التفكير و الرأي و الدين و يشمل هذا الحق حرية تغيير الديانةأو العقيدة و حرية الغعراب عنها بالتعليم و الممارسة و إقامة الشعائر سواء أكان ذلك سرا أم مع جماعة.

ولقد أصبح الدين بالنسبة للمجتعات الحديثة مستقلا بذاته عن مفهوم الدولة بظهور النظام العلماني القائم على مقولة " دع ما لقيصر لقيصر و ما لله لله" ، و ان دور الدولة هو مجرد القيام بحماية هذه الأديان و إحترام شعائرها في حدود القانون، وهذا ما اخذت به الكثير من الدول و خاصة الغربية منها.

أما في الجزائرفقد نصت المادة 51الفقرة2و3 منه على أن:" حرية ممارسة العبادات مضمونة وتمارس في إطار القانون ،

تضمن الدولة حماية أماكن العبادة من أي تأثير سياسي أوإيديولوجي.

وعاقب بموجب المادة160من قانون العقوبات  كل من قام عمدا و علانية بتخريب أو تشويه أو إتلاف أو تدنيس المصحف الشريف"

كما نصت المادة 160 مكرر3على أن " يعاقب كل من قام عمدا بتخريب او هدم او تدنيس الاماكن المعدة للعبادة"

بل أن الحماية الجزائية إمتدت نحو الجماعات والمذهبية  الدينية بتجريم القذف الموجه لهم والتحريض على الكراهية ،فنصت المادة 298/2 ق.ع" ...يعاقب على القذف الموجه إلى شخص او اكثر بسبب إنتمائهم إلى مجموعة عرقية أو مذهبية أو إلى أي دين معين بالحبس من شهر واحد الى سنة وبغرامة من 10.000 د.ج الى 100.000 د.ج أو بإحدى هاتين العقوبتين فقط ،إذا كان الغرض هو التحريض على الكراهية بين المواطنين أو السكان.

سادسا- الحق في التعليم(حرية التعليم):

نصت عليه المادة 26 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان و حرية التعليم / 1،2،3.

1- " لكل شخص الحق في التعليم مع وجوب مجانية  والزامية التعليم في الطور الأساسي، و أن يعمم التعليم الفني و المهني ،و أن يكون التعليم العالي متاحا للجميع وفقا لمبدأ المساواة و الكفاءة"

2- " يجب أن تكون الغاية من التربية تنمية شخصية الإنسان و تعزيز إحترام حقوق الإنسان و الحريات الأساسية.

3- " للآباء الحق الأول في إختيار نوع التربية و التعليم لأبنائهم ، ونجد أن حرية التعليم تنصب أساسا في حرية إختيار نوع التعليم و حرية التعليم و إختيار المعلم.

أم الدستور الجزائري فقد نص على ضمان الحق في التعليم بموجب نص المادة 65: ( الحق في التربية والتعليم مضمونان،وتسهر الدولة بإستمرار على تحسين جودتهما

   - التعليم العمومي مجاني وفق  الشروط التي يحددها القانون

   - التعليم الإبتدائي والمتوسط إجباري وتنظم الدولة المنظومة التعليمية

   - تسهر الدولة على ضمان  التساوي في الإلتحاق بالتعليم و التكوين المهني.

سابعا- حرية الحياة العائلية:

تعني حق الإنسان في بناء أسرة سواء عن طريق الزواج الشرعي أو خارج إطار الزواج  ، و الذي يقوم على أساس الحياة المشتركة التي تستوجب أن تتميز بالإستقرار و الإستمرارية وعموما يمثل حرية الحياة  مع حماية حق الزوجة الأولى  في حال التعدد دون رضاها في طلب التطليق وفك الرابطة الزوجية، دون ان يكون لها الحق في إلزام الزوج بقطع علاقته مع الزوجة الثانية ،ولقد نصت المادة2 من قانون الاسرة الجزائري على أن " الأسرة هي الخلية الاساسية للمجتمع الجزائري وتتكون من الأشخاص تجمع بينهم صلة الزوجية و صلة القرابة.

والمادة 4 " الزواج هو عقد يتم بين رجل و إمراة على الوجه الشرعي من أهدافه تكوين أسرة أساسها المودة و الرحمة و التعاون و إحصان الزوجين و المحافظة على الأنساب.

وكذا المادة 8" يسمح بالزواج بأكثر من زوجة واحدة في حدود الشريعة الإسلامية متى وجد المبرر الشرعي و توفرت شروط و نية العدل ، ويتم ذلك بعد علم كل من الزوجة السابقة و اللاحقة و لكل لاواحدة الحق في رفع دعوى قضائية ضد الزوج في حالة الغش و المطالبة بالتطليق قي حالة عدم الرضا.

المادة 09" يتم عقد الزواج برضا الزوجين و بولي الزوجة و شاهدين و صداق"

المادة 18" يتم عقد الزواج أمام الموثق أو امام موظف مؤهل قانونا "

المادة 22" يثبت الزواج بمستخرج من سجل الحالة المدنية و في حالة عدم تسجيله يثبت بحكمن إذا ىتوافرت أركانه وفقا لهذا القانون و يتم تسجيله بالحالة المدنية"

 

 


يدرس الطالب ضمن مقياس الجماعات الإقليمية:

مدخل عام لأساليب التنظيم الإداري من خلال التطرق للشخصية المعنوية والمركزية واللامركيزة الإدارية، ثم الإطار العام للجماعات الإقليمية كإطار مفاهيمي للدراسة، ثم تشكيل الجماعات الإقليمية (البلدية والولاية) ثم صلاحيات هذه الجماعات والرقابة عليها وماليتها

مجموعة القوانين والقواعد المتعلقة بالتهيئة والتعمير ودورها في حماية البيئة

دروس خاصة بطلبة السنة الثانية ماستر دولة ومؤسسات في مقياس اللغة الأجنبية -لغة إنجليزية-

المحاضرة الأولى: مقياس الحريات العامة

مقدمـــة:

إن موضوع الحريات العامة يعد من أهم المواضيع التي ترتكز عليها السياسة القانونية في دول العالم ، و التي نصت عليها المواثيق و العقود الدولية ومنها أخذت بها جل الدساتير بحيث إرتقت إلى مستوى المبادئ  الدستورية الواجبة الإحترام و التطبيق ، و الإخلال بها يؤدي إلى ترتيب جزاءات عقابية تقتضيها حاجة الفرد و المجتمع من أجل فرض الحماية القانونية لهذه الحريات العامة .

ونظام الحريات العامة تتجلى فاعليته و آثاره الإيجابية حسب النظام السياسي السائد ، فإذا كنا أمام نظام ديموقراطي فإن الحريات العامة تكون قائمة و محترمة و محمية ، أما إذا كنا امام نظام ديكتاتوري ذا سلطة مستبدة ، فإننا نجد أن الحريات العامة تكاد تنعدم ، بل وتكون موضوع نظال و كفاح لهذه الشعوب من أجل تحقيقها.

إذ يحق لكل واحد منا أن يتساءل عن ماهية هذه الحريات العامة ؟ وكيف نشأت و تطورت ؟ماهي مصادرها وأحكامها؟

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

المبحث الأول/ ماهية الحريات العامة

ندرس من خلال هذا المبحث المفهوم الواسع والضيق للحريات العامة وكذا كيف نشأت وتطورت عبر التاريخ الانساني.وعليه سنخصص المطلب الاول لمفهوم الحريات العامة والمطلب الثاني لنشأتها وتطورها.

المطلب الأول/ مفهوم الحريات العامة

سنتطرق من خلال هذا المطلب لتعريف الحريات العامة ،ثم نتدارس مفهومها.

الفرع الأول تعريف الحريات العامة:

في الحقيقة نجد أن مسألة وضع تعريف محدد للحريات العامة لم يهتم به المشرع و ذلك بتخصيص نص قانوني صريح يعرفها من خلاله بل ترك المسألة للإجتهاد الفقهي الذي عرفها كما يلي:

أ- تعد الحريات العامة المراكز القانونية التقليدية التي عرفها القانون العام الحديث منذ نشأته ، وهي تتضمن

حق الفرد في إمتناع الدولة عن القيام بعمل يقيد نشاطه الفردي و إلتزامها بعدم التعرض له في نشاطاته المادية أو المعنوية تاركة له المجال للتعبير عن ذاتيته.(1)

ب- و عرفها الفقيه "ويفري" إن الحريات العامة – حقوق الإنسان و المواطن- هي الحقوق التي تعتبر بمجموعها في الدول المتحضرة بمثابة الحقوق الاساسية اللازمة لتطور الفرد و التي تتميز بنظام خاص من الحماية القانونية.

ج- وعرفها أستاذ القانون وهبة الزحيلي بأنها:مايميز الإنسان عن غيره، ويتمكن بها من ممارسة أفعاله وأقواله وتصرفاته بإرادته واختياره من غير إجبار أو إكراه وفي حدزد معينة. (2)

د-  عرفها الإعلان الفرنسي لحقوق الإنسان و المواطن لسن 1789بأنها : حق الفرد في أن يفعل كل ما لا يضر بالأخرين و لا يمكن إخضاع ممارسة الحريات الطبيعية لقيود إلا من أجل تمكين أعضاء الجماعة الأخرين من التمتع بحقوقهم و هذه القيود لا يجوز فرضها إلا بقانون.

(1)- جان مورانج ،الحريات العامة ،منشورات مكتبة عويدات ،بيروت ،لبنان ،سنة 1989 ص:18

(2)-  وهبة الزحيلي،حق الحرية في العالم،دار الفكر المعاصر،سوريا سنة2000 ص:39

وفقا لما تقدم يتضح لنا بأن تعريف الحريات العامة يقتصر على الفقه دون التشريع ،وأن هذه التعريفات لا تختلف في مضمونها كثيرا بل أنها تلتقي على إعتبار الحريات حق من حقوق المواطنة الذي يتصف بالعمومية وبتدخل الدولة لحمايته وضبط حدوده وأحكامه.

يمكن القول بأن الحريات العامة هي مكنات يتمتع بها الفرد بسبب طبيعته البشرية أونظرا لعضويته بالمجتمع يحقق بها الفرد صالحه الخاص و يسهم بها في تحقيق الصالح المشترك للبلد و يمتنع على السلطة أن تحد منها إلا إذا أضرت بمصالح الأخرين.(1)

الفرع الثاني/ مفهوم الحريات العامة

تعددت المفاهيم للحريات العامة حسب تعدد الرئى والمنهج ،بين الفلسفي والنفسي والسياسي والاجتماعي

أولا/- المفهوم الفلسفي للحرية:

يرتكزهذا المفهوم على معيار الحرية الطبيعية للفرد ،و على أساسها فإن هذا الأخير يكون حرا إذا كان لا يخضع إلا لإرادته و رغبته الخاصة في أي تصرف يقوم به، و لا يخضع في ذلك إلى عامل خارجي يقوم على عنصر الجبر والقهر و الإكراه و هذا ما يفرق بين العبد "الرقيق" و الإنسان الحر.

وقد أيد الفقيه أوكست كونت هذا الرأي حينما رأى بأن أن كل وظيفة نباتية أو حيوانية تكون حرة إذا ما إستطاعت أن تنمو و تتطور وفقا لقوانينها الخاصة بها، بدون تدخل أي عارض خارجي وهذا ما يقتضيه النظام الحياتي .

ما يلاحظ على المنظور الفلسفي أنه إرتقى بالانسان عاليا ومنحه سلطة شخصية شبه مطلقة في التصرف كيف ماشاء دون الخضوع لأي سلطة خارجية تتحكم في تصرفاته وتحد منها ،وهذا ما لايمكن الأخذ به لوجوب خضوع تصرفات الفرد للقانون واحترامه لحقوق وحريات الأخرين الذين يعيشون معه داخ محيظه الاجتماعي.

 

(1)-مذكور الخامسة، محاضرات في مادة الحماية القانونية للحريات العامة مقدمة لطلبة السنة أولى ماستر،كلية العلوم الإسلامية جامعة باتنة ـ 1 ـ السنة الجامعية  2019/2020 ص:8

 

 

ثانيا/ المفهوم النفسي للحرية

وفقا لهذا المفهوم  فإن حرية الشخص تنصب في قدرته على التمييز بين الخير و الشر، في أي عمل يقوم به خلال حياته اليومية ، و أن الشخص الذي يكون في حالة إضطراب نفسي أو مختل عقليا دون إرادة التمييز يكون فاقدا لعنصر الحرية في إختيار أفعاله بين خيرها وشرها.مما يجعله غير حر.

ثالثا /المفهوم السياسي :

 يأخذ بمعيار الحقوق الخاصة بالإنسان و المواطنة و التي تم تقنينها حسب هذا المفهوم إلى الحريات الشخصية و الجماعية(المساواة ، حرية المعتقد ، حرية التفكير ، حرية العمل ، حرية التجارة ، حرية التنقل).

المطلب الثاني/ نشأة الحريات العامة

إن دراسة هذا النظام بشكله الحديث يقتضي وجوب التقصي عن جذوره و أصوله الأولى و التساؤل إذا ما كان الإنسان قد عرف مثل هذه الحريات في العهود القديمة و ما تلاها من العصور أم لا؟

وللإجابة عن هذا التساؤل سوف ندرس وضعية الحريات خلال العهود القديمة ونأخذ مثالا عن ذلك كل من مصر القديمة و العراق ثم الهند و الرومان ونتوجه بعدها إلى أوروبا خلال القرون الوسطى وشبه الجزيرة العربية لافي عهد الإسلام ثم العصر الحديث.

الفرع الأول/ الحريات العامة في العهد القديم:

أولا/ الحريات العامة في مصر القديمة

إن مفهوم الحرية الحديث إنعدم تماما في عهد مصر القديمة ، وحكم الفراعنة الذي قام على أساس الملكية الإلهية ، حيث أن فرعون كان يعتبر نفسه إلها و ليس بشرا ، وهو الوحيد الذي له الحرية المطلقة في فعل ما يشاء ، فيقتل من يشاء و يصفح عمن يشاء أما باقي الشعب فهم عباد له ، يعبدونه دون غيره  وليس لهم الحق في طلب أي شيءسوى الحياة في كنف فرعون وحاشيته.

 

 

 

ثانيا/ الحريات العامة في العراق:

عرف العراق عهدين للحكم ، الأول يتعلق بحضارة السوماريين ، التي كانت تقوم على نظام المدن ولكل مدينة إله يسمى بإله المدينة ، و يأتي بعد الملك كشخص تنفيذي لأوامره ، بحيث ينوب عنه في تنفيذ إرادته الإلهية ، و بذلك يكون الملك هو المشرع و القاضي ، وله السلطة المطلقة في تسيير شؤون المدينة و تنفيذ ما يريده دون باقي سكان المدينة ، وهو ذات النظام الذي سار به البابليون ، حيث إنصب حكمهم على الملكية المطلقة القائمة على مصدر الألوهية وبذلك نجد وفقا لهذه الأنظمة الملكية تكون الحريات العامة للفرد منعدمة.

ثالثا/ الحريات العامة في الهند:

يتضح أن النظام السياسي كان نظاما ملكيا مستبدا له سلطة مطلقة ،تقوم على أساس ديني و خاصة في عهد الملك الأول الذي تم تنصيبه من قبل براهما ، ولكن من خلال أبحاث المؤرخ سليترsalitore تبين أن الملوك فيما بعد أعطت بعضا من الحقوق لشعوبها رغم بقاء القدسية للملك، و إنتقال الملك بالوراثة.

كما ان المجتمع الهندي كان قائما على نظام الطبقية و يقسم إلى أربع طبقات : طبقة رجال الدين ، ثم طبقة الجنود ،  ثم طبقة العمال ثم طبقة الارقاء ، وفقا لما أجازته الطبقة البراهمية التي لم تعترف بمبدأ المساواة الإجتماعية ، ثم جاءت الديانة البوذية و ما حملته من مثالية المجتمع و الدعوة إلى القضاء على الطبقية و نشر المساواة بين أفراد المجتمع وعدم إعترافها بقدسية الملك و نظام توارث الملك.

وعموما نجد أن الحريات العامة و حقوق الإنسان لم تكن موجودة في الهند بشكل فعلي وعملي نظرا لطبيعة النظام القائم .

رابعا/ الحريات العامة في الرومان:

في عهد الإمبراطورية الرومانية ظهرت مجموعة من القوانين التي تنظم علاقات المجتمع الروماني فيما بينه ، و فيما بينه و بين الأجانب ، ومن ضمنها ما يسمى بقانون الشعوب الخاص بضبط المعاملات بين الأجانب و بين المواطنين الرومان ، و كانت النزاعات التي تقوم بينهم تؤول لقاضي مختص يعين من قبل قاضي الغرباء.

و بالرجوع إلى خصائص قانون الشعوب نجد أنه يمتاز بفكرة عالمية القانون ووحدته لجميع الشعوب ، وبه أضحت للأجانب مجموعة من الحقوق كحق التجارة و الذمة المالية ، وحق الحماية القانونية ، كما ظهرت في هذه الحقبة عند الرومان ما يسمى بالقانون المدني الذي ينظم العلاقة بين رعايا دولة الرومان فقط.

ونجد أن قانون الروماني بصفة عامة قد تأثر بالفلسفة  التي جاءت بفكرة الأخوة الإنسانية و المواطنة العالمية، و منها نجد أن للفرد حقوق طبيعية تقليدية سابقة عن وجود الجماعة ،  وما إنظمامه للجماعة إلا بغية حماية حقوقه من اي إغتصاب أو تعدي ، و الملاحظ هنا أنه بالرغم من ظهور مثل قانون الشعوب و القانون المدني إلا أنه بقي صوريا و شكليا بحيث لم يجد السلطة التي تقوم بتطبيقه.

الفرع الثاني/ الحريات العامة في العصر الوسيط (أوروبا):

سيطرت الإقطاعية في هذا العصر و إرتبطت الحرية بها دون الفرد، و طغت فيها حرية التجمعات و الجماعات وانعدمت فيها الحرية الفردية تماما ، رغم محاولات رجال الكنيسة إلى بعث الروح في الحرية الفردية و إعطاءها إستقلاليتها و ذاتيتها، وذلك بناءا على ما جاء في تعاليم الدين المسيحي من مساواة بين الأفراد أمام الله ، إلا أنها لم تنجح في إعطاء صورة حقيقية للحريات بسبب سعي الكنيسة لخدمة مصالحها و المحافظة على سلطانها.

وبعدها مباشرة ظهرت حركة الكومونات ذات الطابع السياسي و الإقتصادي، و التي جاءت معها البرجوازية الإقتصادية، والتمركز في المدن التجارية و الصناعية ،و لقد اتفق الصناعيين و التجار و أصحاب الحرف مع الإقطاعيين من الملوك و النبلاء و رجال الكنيسة لخدمة مصالحهم.

ورغم ما جاء به نظام الكومونات من حريات إجتماعية ،إلا أنها كانت قائمة على المصلحة التجارية والإقتصادية على حساب الحريات الفردية و لم تتضح للحريات العامة سماتها في هذا العصر.

الفرع الثالث/ الحريات العامة في الإسلام :

لقد تجلى نظام الحريات العامة و حقوق الإنسان بصورة واضحة و بشكل ملموس في الشريعة الإسلامية وذلك من خلال ما جاء في نصوص القرآن الكريم و السنة النبوية الشريفة، و كذا ما ورد عن الصحابة و الخلفاء الراشدين من أفعال ،فنص القرأن الكريم على مبدأ الإخاء و المساواة لقوله عز وجل " إنما المؤمنون إخوة" ، وقول الرسول صلى الله عليه وسلم " الناس سواسية كأسنان المشط"

 

 

الفرع الرابع/ الحريات العامة في العصر الحديث1

أولا/ المباديء الفلسفية و تأثيرها على الحريات العامة :

الحريات العامة ضرورية بالنسبة للفرد و المجتمع من أجل ضمان الحياة الأمنة و المستقرة في ظل دولة القانون ،و قد تأثرت بمجموعة من النظريات الفلسفية و المؤثرات السياسية خلال مرحلة نشأتها و تطورها.

فما هي هذه النظريات الفلسفية التي كانت اساسا ومبررا للحريات العامة ؟ و ماهي المؤثرات السياسية التي ساعدت على تطور هذه الحريات و إرتقائها إلى مناص المبادئ الدستورية وحتى الشرعية العالمية؟

1- نظرية الحقوق الفردية التقليدية الطبيعية:

فحوى هذه النظرية أن الحقوق الأساسية للإنسان التي تولدت عنها حريته الفردية هي حقوق مكتسبة أصلا

قبل إنظمامه للجماعة، و إنتمائه للجماعة كان بهدف حماية هذه الحقوق و الحريات، وهي في الأصل حقوق متبادلة بين أفراد الجماعة ، بحيث يتمتع بها كل واحد منهم دون  أن جوازالإعتداء عليها، و يبقى دور السلطة مقتصر على حمايتها ،ولقد مثل هذه المدرسة التقليدية الفقيه إسمان "esmeun " الذيأسس نظريته في الحقوق الفردية و الحريات الفردية، على فكرة جوهرية مؤداها أن الفرد هو مصدر كل حق ، لأنه هو الكائن الحقيقي الحر و المسؤول.

وعليه تكون الغاية من الدولة و سلطاتها العامة بما فيها السلطة التشريعية هي ضمان و كفالة الحريات الفردية التي يعبر من خلالها الفرد عن شخصيته و ذاتيته ، ومنه فإنه لا يمكن أن تكون السلطة السياسية شرعية إلا إذا إحترمت هذه الحقوق ، و إذا أخلت بها تكون قد فقدت سبب وجودها ، لأن الفرد هو مصدر كل حق ،وهو الغاية من وجود اي مجتمع سياسي ، بإعتباره الكائن الحي الحر ذو الإرادة المدركة لكل تصرفاتها.

 

 

 

 

لقد أخذت بهذه النظرية المادة الأولى من إعلان الحقوق الفرنسي لسنة 1789 " هدف المجتمع هو السعادة المشتركة ، و الحكومة إنما أرسيت لتضمن للإنسان ممارسته لحقوقه الطبيعية غير القابلة للزوال"

2- الفلسفة الألمانية التقليدية:

تقوم على أساس أن سيادة الدولة هي الأصل ، أما فكرة الحرية الفردية فهي شيء ثانوي –إستثنائي- ولكن يستحسن عدم إنكاره .

3- نظرية العقد الإجتماعي:

تعتبر هذه النظرية أن حقوق الفرد هي حقوق طبيعية ،وتدخل الدولة بشأن تقنينها لا يعني أنها خلقتها أو أنشأتها بل أنها قامت بمجرد إجراء التقنين لها و الإعلان عنها، و أبرز الفقهاء الذين نادوا بهذه النظرية جون لوك وجان جاك روسو.

أ- جون لوك :مؤلف الحكم المدني سنة 1689

إن الفرد قد عاش حرا طليقا بطبيعته قبل أن تنشأ هذه الجماعات ،و انه عندما فكر الأفراد في تكوين مجتمع سياسي يعيشون فيه قاموا بتوقيع عقد تنازلوا بموجبه عن بعض حقوقهم الأساسية لفائدة المجتمع واحتفظوا ببعضها ، على أن لا يتدخل هذا الأخير في هذه الحقوق المحفوظة التي تمثل ركيزة الحرية الفردية.

ب - جان جاك روسو: مؤلفه العقد الإجتماعي

الإنسان ولد حرا بطبيعته وأصبح مقيدا فيما بعد على أساس قيامه بإبرام عقد مع السلطة تنازل بموجبه عن كافة حقوقه و لم يحتفظ بأي منها ، وهذا ما يخالف راي جون لوك، وأن هذا التنازل لا يكون لفائدة الحاكم ولكن لفائدة الأفراد الذين يكونون هذا المجتمع ،وبذلك يتساوى جميع الأفراد داخل هذا الكيان السياسي الذي يعمل على حماية حقوق وحريات الافراد المدنية الجديدة البديلة عن حقوقه الطبيعية التي تنازل عنها لصالح الجماعة.

 

 

 

ج - أطراف العقد حسب نظرية جان جاك روسو : 

- الأفراد المحكومين: الذين ولدوا أحرارا ومنحوا كافة حقوقهم بموجب العقد للكيان الكلي مما يجعلهم متساوون جميعا .

- الكيان الكلي للجماعة : التي تترتب عنها السلطة السياسية التأسيسية التي تضع الدستور و القوانين و تقر الحريات و الحقوق الأساسية، و التي تلتزم في ذات الوقت بإحترام الحقوق الأساسية للفرد.

ثانيا/ المؤثرات السياسية:

ولقد لعبت حركة الإصلاح البروتستاني ذات الطبيعة الدينية ،دورا كبيرا في تحرير ذهنية المسيحيين من الفساد و الإنحلال الأخلاقي و من التسلط الديني المفروض من قبل رجال الكنيسة وفقا لعقائدهم الفاسدة و أدت إلى التصدي إلى السلطة البابوية المتعسفة ،وكان أول فقهائها الفقيه "مارثن لوثر" في ألمانيا و كالفين في فرنسا ثم جاءت بعض المؤلفات لتعطي دفعا جديدا لظهور القوانين في بعض الدول مثل كتاب " الحرب و السلم" لمؤلفه غروسيوسو وكتاب القانون الطبيعي لمؤلفه بوفندرف ومن خلال هذه الإجتهادات و الكتابات جاءت التأثيرات السياسية لتضفي بظلها على نظرية حقوق الإنسان ، وسوف ندرس هذه المؤثرات على مستوى كل من إنكلترا ، أمريكا، و فرنسا.

1- الحريات العامة في إنكلترا: نجد أن الحريات قد وجدت الارض الخصبة للنمو و التطور في إنكلترا لما لهذه الدولة من تقاليد سياسية معروفة تولدت عن عدة ثورات ضد الملك.

أ-الميثاق الأعظم: "الماغناكارتا "سنة 1215 الذي تم توقيعه من قبل الملك جون مع النبلاء و تعهد من خلاله بإحترام بعض الحريات ،ولقد إحتوى هذا الميثاق 68 مادة تنص على مجموعة من الحقوق على سبيل الحصر كحق الميراث ، حق الكنيسة في التمتع بحريتها و كل إمتيازاتها.

ب- منحة الحقوق: صدرت سنة 1628 جددت الحقوق السابقة و جاءت بحقوق أخرى لفائدة طبقة النبلاء دون غيرهم.

 

 

 

2- الحريات العامة فرنسا:

أ- إعلان حقوق الإنسان و المواطنة 26/08/1789:

يعتبر عملا تاريخيا جسد من خلاله رجال الثورة الفرنسية بصورة فعلية حقوق الإنسان و حرياته الاساسية ، بحيث أكد على حرية الإنسان وفقا لمباديء الحقوق الطبيعية ، وقد تم وضع هذا الإعلان في مقدمة الدستور الفرنسي و تضمن 17 مادة نصت على حقوق الإنسان وحرياته و على أصول النظرية الدستورية الحديثة كالسيادة القومية ، و مبدأ الفصل بين السلطات...

ب-الإعلان الثاني: 24/06/1793: جائت في مقدمة الدستور واحتوت على 35 مادة ، تضمنت مجموعة من الحقوق الخاصة بقطاع العمل و العمال ، والحقوق الإجتماعية و الإقتصادية.

ج- إعلان حقوق وواجبات الإنسان و المواطن 22/08/1795 :

إحتوى على قسمين الأول به 22 مادة خاصة بحقوق الإنسان و المواطن ،و الثاني به 09 مواد تحدد واجبات الفرد إتجاه المجتمع و العائلة و الملكية الشخصية .

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

المحاضــــــــــــــرة الثانيــــــــــــــــــة:

المبحث الثاني/ مضمون الحريات العامة

من الضروري و قبل دراسة أنواع الحريات العامة و تصنيفاتها الفقهية أن نتكلم عن الحقوق الاساسية المرتبطة إرتباطا لصيقا بالحريات العامة من حيث الوجود أو العدم ،أي بمعنى آخر أنها إذا وجدت هذه الحقوق ترتب عنها وجود الحريات، و إذا إنعدم وجودها يعني إنعدام هذه الحريات.

فما هي هذه الحقوق الأساسية التي تعتبر واجبة لممارسة الحريات؟

المطلب الأول/المبادئ العامة للحريات العامة

رغم إختلاف فقهاء القانون الدستوري على تحديد هذه الحقوق بشكل عام إلا أن الأغلبية يتفقون على أنها تنقسم إلى ثلاث حقوق أساسية هي:

- الحق في المساواة

- الحق في الأمن و السلامة

- الحق في الملكية

الفرع الأول/ الحق في المساواة :

إن هذا الحق يعتبر مبدأ عالميا نادت به كل المواثيق الدولية و الدساتير و أقرته الشريعة الإسلامية السمحاء في الكثير من النصوص القرآنية كقوله تعالى " إنما المؤمنون إخوة " و الأحاديث النبوية كقول الرسول صلى الله عليه وسلم " الناس سواسية كأسنان المشط" ، وقوله " لا فرق بين أبيض و أسود و أعجمي و عربي إلا بالتقوى " ، وقد جائت في إعلان حقوق الإنسان و المواطن الفرنسي سنة 1789 في مادته الأولى " يولد الأفراد ويبقون أحرارا و متساوون في الحقوق ولا تكون الفروق الإجتماعية مبنية إلا على المصلحة العامة"

كما نص عليها المشرع الجزائري في المادة 37 من الدستور " كل المواطنين سواسية أمام القانون ولهم الحق في حماية متساوية ولا يمكن أن يتذرع بأي تمييز يعود سببه إلى المولد أو العرق أو الجنس أو الرأي أو أي شرط أو ظرف آخر شخصي او إجتماعي.

المادة 35:" تستهدف المؤسسات ضمان مساواة كل المواطنين و المواطنات في الحقوق و الواجبات بإزالة العقبات التي تعوق تفتح شخصية الإنسان و تحول دون مشاركة الجميع الفاعلية في الحياة السياسية و الإقتصادية و الإجتماعية و الثقافية ".

المادة 67: "يتساوى جميع المواطنين في تقلد المهام و الوظائف في الدولة بإستثناء المهام والوظائف ذات الصلة بالسيادة والامن الوطنيين يحدد القانون شروط تطبيق هذا الحكم "

و بناءا على هذه النصوص الدستورية المستمدة أساسا من المواثيق و العهود الدولية ، نجد أن مبدأ المساواة أصبح مبدءا دستوريا مهما لحياة المجتمع الحر.

ومبدأ المساواة من خلال النصوص القانونية الدستورية المذكورة آنفا ، نجد أنها تشمل المساواة الحقيقية ؟ و المساواة القانونية؟

أولا/ المساواة الحقيقية:

هي بكل بساطة المساواة بين أفراد المجتمع من الناحية الإجتماعية و الإقتصادية و خاصة فيما يتعلق بالفروق الإجتماعية و ما كان يعرف بنظام الطبقية  ، وهذا ما تسعى إليه المواثيق الدولية و الدساتير ، إلا أنه و نظرا لطبيعة الأنظمة الإقتصادية الحديثة و خاصة الرأسمالية منها، فإن تحقيق هذا المبدأ بصورة واقعية يكون صعبا جدا مما جعل هذه الدول تشرع أنظمة قانونية للتخفيف من حدة هذه الظروف كقانون التأمينات الإجتماعية و قانون التقاعد لحماية الفئات الضعيفة والهشة.

ثانيا/ المساواة القانونية:

ترتكز هذه المساواة في عدالة و نظرة المشرع القانونية عند إصداره لأي قانون ، فيجب أن لا يفرق بين أفراد المجتمع في إطار المواطنة المشتركة و يؤكد على المبادئ التالية:

- مبدأ المساواة السياسية .

- مبدا المساواة بين الجنسين.

- مبدأ المساواةفي تقلد الوظائف العامة.

- مبدأ المساواة أمام الخدمات العامة.

 

الفرع الثاني/ الحق في الأمن و السلامة:

يعتبر من أهم الحقوق الذي تستند عليه حرية الفرد داخل المجتمع ، ويقصد به حق الإنسان في الحماية القانونية لجسمه وبدنه و حياته من أجل إستمراريته و دوامه ككائن حي خلال مدة عمره التي يعيشها.

وحسب دراستنا للتأثيرات السياسية عل نظام الحريات العامة ،وجدنا أن الحق في الأمن و السلامة قد نص عليه إعلان الحقوق في إنجلترا لسنة  المتعلق بإجراءات توقيف الأشخاص و كيفية محاكمتهم و مسؤولية القضاء في ذلك.

كما نص إعلان حقوق الإنسان و المواطن بفرنسا سنة 1789 في مادته الثانية " الهدف لكل مجتمع سياسي إنما هو المحافظة على حقوق الإنسان الطبيعية ... و هذه الحقوق هي الحرية و الملكية و السلامة و الحق في مقاومة الطغيان.

كما نصت المادة 44 منه " لا يتابع أحد ولا يوقف أو يحتجز إلا ضمن الشروط المحددة بالقانون وطبقا للأشكال التي نص عليها هذا القانون .

ولقد أكد الإعلان العالمي لحقوق الإنسان  لسنة 1948 على هذا الحق و خاصة في المواد : 3، 4 ، 8 ، 9 ، 11 ، إذ تنص المادة 03 " لكل فرد الحق في الحياة و الحرية و سلامة شخصه " و هذا ما أخذ به الدستور الجزائري في المادة 39 منه " يعاقب  القانون على  التعذيب وعلى المعاملات القاسية واللا انسانية أوالمهنية والاتجار .

 وتنص المادة  04 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان  أنه" لا يجوز إسترقاق أو إستعباد أي شخص ، ويحضر الإسترقاق و تجارة الرقيق بكافة أوضاعها"

والمادة 08" منه أن لكل شخص الحق في ان يلجأ إلى المحاكم الوطنية لإنصافه من أعمال فيها إعتداء على الحقوق الأساسية التي يمنحها له القانون"

المادة 09 " لا يجوز القبض على أي إنسان او حجزه أو نفيه تعسفا"

 وقد نصت المادة 44 من الدستور الجزائري على أنه " لا يتابع احد ولا يوقف او يحجز إلا ضحن الشروط المحددة بالقانون و طبقا للأشكال التي نص عليها.

 وتنص المادة 11 منه " كل شخص متهم بجريمة يعتبر بريئا إلى أن تثبت إدانته قانونا بمحاكمة علنية تؤمن له فيها كل الضمانات الضرورية للدفاع عنها"

 وهذا ما أقره المشرع الجزائري في المادة 41 من الدستور " كل شخص يعتبر بريئا حتى تثبت جهة قضائية إدانته في إطار محاكمة عادلة.

وتنص المادة 11 فقرة 2 " لا يدان أي شخص من جراء أداء عمل او الإمتناع عن اداء عمل ، إلا إذا كان ذلك يعتبر جرما وفقا للقانون الوطني أو الدولي وقت الإرتكاب ، كذلك لا توقع عليه عقوبة أشد من تلك التي كان يجوز توقيعها وقت إرتكاب الجريمة"

 وهذا ما نصت عليه المادة 43 من الدستور: "لا إدانة إلا بمقتضى قانون صادر قبل إرتكاب الفعل المجرم"

و سوف نتطرق لهذا الموضوع بالتدقيق و التفصيل عند دراسة بعض أنواع الحريات العامة و حمايتها الجزائية في القانون الجزائري.

فالحق في الأمن و السلامة يعتبر حقا طبيعيا لصيقا بالإنسان، لما له من ضرورة جوهرية في وجوده و إستمرارية حياته  ، وهذا ما جعل المواثيق الدولية و الدساتير تعطيه كل هذه القيمة و تفرض له حماية فعلية في قوانينها حتى تضمن له الإحترام و التطبيق.

الفرع الثالث/ حق الملكية:

هو حق طبيعي للإنسان يستمد من خلاله حريته في التصرف في أملاكه الخاصة، سواء أكانت مادية (عقارية ، منقولة) أو معنوية (الملكية الفكرية)في إطار القانون.

وقد إرتبطت بالنظرية الفردية المطلقة التي نادى بها الفيلسوف إسمان و هوريو ، كما عرفها بعض الفلاسفة على أساس أنها وظيفة إجتماعية تسعى لتحقيق غايتها و هي خدمة المصلحة العامة للمجتمع  ولقد نص عليها إعلان حقوق الإنسان و المواطن لسنة 1789 ، وخاصة ما جاء في المادة 02 منه "الملكية هي حق طبيعي غير قابل للتقادم"

 

 

وحددت المادة 17 منه أن حق الفرد في الملكية لا يمكن إنتهاكه أو إنتزاعه إلا لضرورة المصلحة العامة     ( المنفعة العامة) المشروعة مع التعويض العادل.

وحق الملكية قد يتمتع به الفرد بشكل فردي أو بشكل جماعي، وقد تطور هذا الحق إلى المرأة بحيث أصبح لها الحرية في تسيير ممتلكاتها و التصرف فيها و الحق في الميراث.

ولقد نص الإعلان العالمي لحقوق الإنسان 1948 على هذا الحق من خلال نص المادة 17 منه :

"لكل فرد حق التملك بمفرده أو بالإشتراك مع غيره ، لا يجوز تجريد أحد من ملكه تعسفا"

كما نلاحظ أن حق الملكية يتسع مجاله العملي في النظام الرأسمالي القائم على مبدأ الحرية الإقتصادية و التجارية ،و يضيق مجاله في النظام الإشتراكي القائم على الإقتصاد المقيد من قبل الدولة.

وبالرجوع إلى الدستور الجزائري نجد أنه قد نص على حق الملكية من خلال المادة 60 " الملكية الخاصة مضمونة ،لا تنزع الملكية إلا في إطار القانون ، وبتعويض عادل ومنصف".

وأحال موضوع الملكية و انواعها و نظامها بشكل دقيق و مفصل إلى  القانون المدني في الباب المتعلق بحق الملكية ،و خصص لها المواد من 674- 883.