اولا: مفهوم الطب الشرعي.
ثانيا: الخبرة الطبية الشرعية.
ثالثا: مجاالت تدخل الطبيب الشرعي.
رابعا: الخبرة الطبية الشرعية والشهادة الطبية.
خامسا: مجاالت تطبيق الطب الشرعي.
سادسا: الطب الشرعي وعلم اإلجرام.
Unit Name: Horizontal
Article name: English
domain: 1
Parameters:1
Education goals
Focusing on studying the translation and constructive texts related to the specialization in order to be able to properly employ legal terminology
Required prior knowledge: The knowledge acquired during the course of the bachelor's degree in legal terminology
Article content:
Linguistic principles
Linguistic origins
Focusing on legal terminology of a criminal nature and applications of the provisions of the Penal Code and the laws complementing it (Anti-Corruption Law, Money Laundering, Terrorism ........)
Personal work (translation of legal texts)
Evaluation method: Evaluation of the student's work through (research, attendance, personal work)
Evaluation by means of semester exam
References: books, publications, websites.
إن الهدف من دراسة علم الإجرام هو التعرف على النظريات العلمية التي ناقشت عوامل الجريمة والمناهج المتبعة في البحث في الظاهرة الإجرامية وصولا إلى تحديد أفضل السبل في معرفة دوافع الجريمة في ضوء المناهج المتبعة
مقدمة :
إذا كان البحث العلمي من المعايير األساسية و الرئيسية للحكم على مدى تقدم هذا البلد أو تخلفه، من خالل اعتباره المحرك األساسي للتنمية، فإن المنهجية تعتبر العمود الفقري للبحث العلمي ذاته، فليس هناك بحث علمي دون منهج دقيق يتناول دراسة المشكلة و يحد أبعادها و جوانبها و مسبباتها، إذ البد من طريقة أو كيفية عقالنية تتبع لتقصي الحقائق و إدراك المعارف و ترتيب األفكار للتوصل إلى نتائج معرفية جديدة و مقبولة. فهناك عالقة وطيدة بين الفكر و المنهج، حيث يؤثر هذا الاخير ( المنهج ) على الفكر في إعداد البحوث بمختلف أنواعها. إن التفكير المنظم يتم استخدامه حتى في شؤون حياتنا اليومية أو في النشاط الذي نبذله حين نمارس أعمالنا المهنية المعتادة أو في عالقاتنا مع المجتمع، فالمنهجية مادة ليست كسائر المواد التي لها مضمون نظامي محدد، فهي مادة عامة و شاملة لكل مجاالت المعرفة العلمية، فهي القاسم المشترك بين النظم العلمية مع مراعاة طبيعة كل مجال علمي و خصوصياته، و من ثم ترتبط المنهجية بالعلوم القانونية بمختلف فروعها و أقسامها، فهي تهدف إلى إعطاء الدارس الطريقة و األسلوب العلمي المنطقي في التعامل مع المواضيع محاضرات في منهجية العلوم القانونية المختلفة، و تزوده بأدوات و أساليب كيفية الحصول على المعلومات الالزمة إلنجاز البحث العلمي، و كيفية استعمال تلك المعلومات المحصلة. إن المنهجية تعلم الباحث كيف يفكر، كيف يبحث، كيف يكتب و كيف يعرض و كيف يناقش و كيف يستخدم قدراته الفكرية استخداما سديدا في استخراج المسائل القانونية من خالل الوقائع و األحداث المعروضة، و كيف يبحث عن الحلول القانونية لها، و من ثم كيفية عرض هذا الحل بطريقة علمية و أسلوب مقنع. تتضمن مادة منهجية العلوم القانونية جانبين اساسين هما : - الجانب المادي( الموضوعي ) : يتمحور حول دراسة مناهج البحث العلمي األساسية و بيان مدى و كيفية تطبيق هذه المناهج في مجال العلوم القانونية.
- الجانب الشكلي( الإجرائي و العملي ) : و هو يتضمن بيان الكيفيات والطرق و األساليب العلمية والفنية الالزمة للباحث إلنجاز أعماله و أبحاثه العلمية، سواء كانت هذه البحوث و األعمال و الدراسات في صورة بحوث علمية نظرية أو في صورة تحضير و إعداد ملفات أو دراسة مواد و نصوص قانونية، أو في صورة تعليق و تحليل أحكام و قرارات قضائية بغية الوصول إلى نتائج وحقائق علمية بطرق علمية منظمة.
فقد تم تقسيم هذه المحاضرات إلى المحاور التالية:
اولا: منهجية التعليق على النصوص القانونية والفقهية
ثانيا: منهجية التعليق على األحكام والقرارات القضائية
ثالثا: منهجية وضع االستشارة القانونية والتعليق عليها
رابعا: منهجية صياغة مذكرة استخالصية
اولا: التعليق على النصوص القانونية و الفقهية : إن النص القانوني سواء أكان نصا تشريعيا أو فقهيا، هو عبارة عن مجموعة أفكار تتعلق بمسألة قانونية معينة تعرض على الطالب لمناقشتها، و الهدف من عرض موضوع المسألة القانونية على الطالب عن طريق التعليق على النص القانوني هو إبعاد الطالب عن المناقشة التقليدية للمسائل القانونية، الن هذه المناقشة تتم عن طريق التحليل النظري للمواضيع باستعمال أسلوب إنشائي حر لا يسمح للطالب إلا بإعادة سرد ما حفظه عن ظهر قلب من معلومات سردا آليا ال يكتسي أية أهمية. إن التعليق على النص القانوني عبارة عن محاولة لتفسير و توضيح النص بقدر من الحرية و بأسلوب شخصي إلى حد معين، عن طريق البحث في مكوناته و العناصر التي يحتويها، وصوال إلى إعطاء فكرة تأليفية أو تركيبية عن الموضوع من أجل ذلك جعل التعليق على النص القانوني كوسيلة لتحقيق هدفين هما:
الهدف الاول: هو تحديد إطار المناقشة، بحيث يتقيد الطالب باألفكار التي جاءت بالنص و األفكار المجاورة لها دون التطرق إلى غيرها من الافكار، و لو كانت هذه الاخيرة تتعلق بنفس المسألة القانونية التي تعرض لها النص، و هذا لتفادي الخروج عن موضوع النص و لتفادي إعادة سرد المعلومات المحفوظة بطريقة آلية.
الهدف الثاني: هو السماح للطالب بإعطاء رأيه تجاه أفكار النص، سواء بالتأييد أو بالمخالفة، مع تبرير موقفه الشخصي، مما يسمح له بإظهار استيعابه الجيد للمعلومات و قدرته على توظيفها، و هذا هو التعليق الحقيقي على النصوص، و الذي يستبعد الطالب عن مجرد شرح ما جاء في النص دون انتقاد، مما يؤدي إلى إعادة كتابة ما جاء في النص دون أي تغيير، فيصبح عمل الطالب بدون فائدة.
بهذا يسمو الطالب من درجة الحفظ عن ظهر قلب للدروس و المحاضرات إلى درجة استيعاب أهم األفكار و المفاهيم القانونية و ترسيخها في ذهنه و االستعداد لمناقشتها كلما عرضت عليه دون اضطراره إلى حفظها عن ظهر قلب. يستعمل بعض الفقهاء عبارة تحليل النصوص بينما البعض اآلخ ر عبارة التعليق على النصوص ان هذه التسمية المزدوجة تعكس مصطلحات درج استعمالها في المعاهد والجامعات فيقال: حلل النص التالي وناقشه ويقال أيضا: علق على النص التالي وهي عبارات تدل ضمنيا على تحريك التفكير في اتجاهين متكاملين هما التحليل والتعليق .
• مفهوم التحليل: التحليل لغة هو عملية تقسيم الكل إلى أجزائه ورد الشيء إلى عناصره التحليل اصطالحا هو تقسيم الشيء إلى أجزائه من عناصر أو صفات أو خصائص وعزل بعضها عن بعض ثم دراستها واحدة واحدة للوصول إلى معرفة العالقة القائمة بينها وبين غيرها والتحليل هو عكس التركيب . يقصد بتقنية تحليل النص تفكيكه إلى العناصر التي يتألف منها والتعرف على أجزائه ومكوناته وذلك لبيان طبيعته وأسس تكوينه وتنظيمه والتحليل عملية عقلية تقوم عليها معظم المناهج وله أثر مهم في عملية إنتاج المعرفة .
• مفهوم التعليق: من معاني التعليق في اللغة اإليضاح والتفسير وإبداء الرأي أما في االصطالح فالتعليق عملية فكرية تقوم بتفسير مجموعة متناسقة من األفكار سواء كانت مبادئ أو مفاهيم حتى تنتج نتائج أو أفكار أخرى أو هو عملية تفسير لمجموعة من األفكار الموجودة في النصوص وتوضيحها وتقييمها ونقدها بقدر من الحرية و بأسلوب شخصي نفهم من ذلك هي عملية فكرية مركبة توفق
بين عملية تحليل األفكار وتفتيتها لتمييز وإدراك المسائل األساسية والثانوية وتبيان األفكار الهامة والفرعية وبين عملية التركيب التي تعالج بناء وتوحيد هذه األجزاء وإقامة الروابط بينها والعالقات والقوانين التي تحكمها في سياق البناء المعلوماتي المحصل عليه وبالتالي إنتاج معرفة جديدة لذلك ال يمكن أن نأخذ بالتعليق إذا لم يسبقه تحليل كما يمكن أن نعتبر أن التحليل هو تعليق ناقص. إن المعالجة الحقيقية للنصوص القانونية تتم وفق منهجية دقيقة تلعب دورا في تنظيم عمل الطالب وت نسيقه، و هذه المنهجية تتطلب مرحلتين هما: *مرحلة تحضيرية: و فيها يقوم الطالب بتحليل النص تحليال شكليا و موضوعيا. *مرحلة تحريرية: فيها يقوم الطالب بمناقشة المسألة القانونية التي أثارها النص القانوني وذلك وفق خطة متكونة من مقدمة و صلب الموضوع و خاتمة. سنتعرض لهاتين المرحلتين فيما يلي:
المرحلة التحضيرية: (مرحلة فهم النص القانوني) في هذه المرحلة يقوم الطالب بالتحليل الشكلي للنص ثم الت حليل الموضوعي له و يفيد القيام بهذين التحليلين في فهم النص فهما جيدا و التحضير لمناقشته.
أولا- التحليل الشكلي: يقتضي التحليل الشكلي دراسة النص من حيث شكله فقط، فبعد قراءة أولية له يستخرج الطالب
العناصر التالية:
1 - تركيز النص: (الدراسة الوصفية للنص)
نتعرض في هذه المرحلة إلى تحليل النص قصد تثبيته و تركيزه بالنظر إلى مصدره و هذا بتبيان ما يلي:
- طبيعة النص: إن أول ما يظهره شكل النص للطالب هو طبيعته، حيث يتبين للطالب بسهولة ما إذا كان النص هو مادة من مواد قانون معين أم مجموعة فقرات مأخوذة من مرجع لفقيه معين فبعد رؤية أولية للنص يذكر الطالب طبيعته بذكر ما إذا كان نصا قانونيا أم فقهيا. كما على الطالب أن يتبين هوية النص بشكل دقيق فإذا كان نصا قانونيا عليه أن يوضح هل هو نص دستوري أو نص من معاهدة دولية أم مادة من مواد قانون العقوبات، أم هو جزء من قرار إداري. ويعد ذكر تاريخ صدور النص من المعلومات األساسية لبيان هوية النص .
- موقع النص: يقصد بالمصدر الشكلي للنص أي موقعه من المرجع الذي أخذ منه، فيبحث الطالب من أين اقتطف النص و يذكر المصدر الشكلي بطريقة منتظمة و مرتبة تختلف باختالف طبيعة النص و ذلك كما يلي:
*إذا كان النص قانونيا يذكر الطالب موقعه من القانون الذي أخذ منه بطريقة مرتبة و ذلك بترتيب العناوين التي جاء تحتها النص
*إذا كان النص فقهيا يذكر الطالب موقعه من المرجع الفقهي الذي أخذ منه و ذلك ببيان العناصر التالية بالترتيب: لقب و اسم المؤلف، عنوان المرجع، الطبعة إن وجدت، دار النشر،
- أصل النص: المصدر المادي للنص: يقصد به بيان المصدر المادي أوالتاريخي للنص بمعنى هل استمد هذا النص التشريعي من قانون آخر غير القانون الذي أخذنا منه النص ومثال ذلك أخذ المشرع الجزائري الكثير من النصوص المدنية من القانون المدني الفرنسي والقانون المدني المصري كما استمدت الكثير من مواد القانون المدني عموما أحكامها من الشريعة اإلسالمية فكانت هذه األخيرة مصدرا تاريخيا لها وإذا كان النص فقهيا فإننا نبحث عن أصله في المبادئ التي يعتمد عليها ويتأثر بها كاتبه (الفقيه)
إذا يبحث الطالب بمن تأثر المشرع أو الفقيه. (-فإذا كان النص تشريعيا، فمفهوم أن المشرع الجزائري متأثر بكل من المشرعين المصري و الفرنسي، فيذكر الطالب نص المادة محل التعليق و النص المقابل لها في كل من التقنين المصري و الفرنسي. -إذا كان النص فقهيا، فإن شخصية الكاتب إن كان معروفا ستبين المذهب الذي ينتمي إليه، و بالتالي نظريته و المبدأ الذي يعتمد عليه في شرح المسألة القانونية محل التعليق و إال فإن قراءة أولية للنص ستسمح بمعرفة المذهب أو القوانين التي تأثر بها)
2 -بنية النص: الدراسة البنيوية:
في هذه المرحلة من التعليق يتم تحليل النص من عدة جوانب تتمثل فيما يلي:
-البنية الطوبوغرافية (البناء المطبعي): يقصد بذلك بيان ما إذا كان النص قد ورد في فقرة واحدة أو على عدة فقرات و يترتب على ذلك عدة نتائج أساسية تستخدم في عملية معالجة النص، خاصة في عملية وضع خطة البحث و كذلك استخراج األفكار األساسية و الفرعية، فالغالب أن النص الذي يرد في فقرة واحدة يعبر عن فكرة واحدة، و الغالب أيضا أن المشرع عندما يضع النص في فقرتين أو أكثر، فإنه يعمد على وضع القاعدة في الفقرة األولى، و االستثناءات على القاعدة وحدود هذه االستثناءات فيما يلي من فقرات، و قد تكون الفقرات المتعددة هي تعدادا للشروط التي تفترضها الفقرة األولى، مثال تتألف المادة (....) من القانون المدني من 3 فقرات .
تبدأ الفقرة األولى من (....) وتنتهي عند (....)، تبدأ الفقرة الثانية من (....) وتنتهي عند (....)، تبدأ الفقرة الثالثة من (....) وتنتهي عند (....)
-البنية المنطقية: تتضح البنية المنطقية للنص القانوني من خالل الخصائص التي تتميز بها هذه األخيرة، حيث أن القاعدة القانونية عادة ما تكون آمرة، و هذه الخ اصية تميزها عن غيرها من النصوص الفلسفية و األدبية التي تترك مجاال واسعا للجدل و النقاش، ومن خالل بيان الطالب للبنية المنطقية للنص يكتشف تركيب مضمون النص كما ينطلق عن طريق االستنتاج المنطقي من العام إلى الخاص وعن طريق االستقراء من الخاص إلى العام فيعرف الطالب عن طريق استعمال االستدالل المنطقي واالستقراء هل النص قاعدة عامة أم أنه نص خاص لواقعة معينة
-البنية اللغوية: (البنية االصطالحية للنص) في هذه المرحلة، تتم دراسة األلفاظ المستخدمة في النص للحكم على مدى مالءمتها للسياق ومدى انسجامها معه، و أيضا مدى دلالتها اللغوية الن اللغة القانونية هي لغة متخصصة و لهذا يجب الوقوف عند استعمال المصطلحات، هاته الاخيرة تؤدي معنى واحد و محدد و تتضمن البنية اللغوية لنص قانوني اإلشارة إلى العبارات و المصطلحات التي لها أهمية خاصة لفهم النص، في هذه الجزئية من التحليل نجيب عن الاسئلة التالية : كيفية صياغة المادة؟ بأي كلمة بدأت وانتهت؟ ماهو الاسلوب المعتمد؟ ماهي المصطلحات القانونية التي لها أهمية وتظهر فحو المادة؟ ماهي األخطاء التي ارتكبها المشرع في ترجمة الكلمات؟
3 -غايات النص: لا يصدر عادة نص قانوني دون أن يكون هناك غاية منه أو فائدة يسعى المشرع لتحقيقها، واألسباب الموجبة للقانون تبين عادة الغاية من سنه والتي تكون في الغالب وضع حلول لمسائل قانونية مثارة في الحياة اليومية . والبحث في غابة النص هو أولا تتويج للمراحل السابقة كما أنه ثانيا تبني الاطار علمي معين ووضع للنص في سياقه التاريخي والقانوني والفلسفي المناسب فالتعرف على خلفية النص يساعدنا كثيرا في االنتقال إلى تحليل مضمونه . إذا لم يستطع الطالب تبين غاية النص فال يشترط أن يكون هذا العنصر موجودا ضمن مرحلة التحليل الشكلي (المرحلة التحضيرية)
المحاضرة الأولى:
تمهيد:
بعد دراسة المسؤولية الجزائية للشخص الطبيعي واحاطتنا بموضوعها والمسائل القانونية التي تثيرها وخاصة ما تعلق منها بالعوارض التي قد تحول دون قيام المسؤولية الجزائية،ننتقل في هذا الجزء لدراسة موضوع أخر لا يقل أهمية عن الموضوع الأول ويعد من المواضيع المستحدثة التي اقرتها التشريعات الأجنبية وكذا التشريع الجزائري نظرا لطبيعته وأهميته الاقتصادية والاجتماعية التي اقتضت تنظيمه وتحديد نطاق مسؤوليته الجزائية.
إن موضوع المسؤولية الجزائية للشخص المعنوي أثارت الكثير من الجدل الفقهي بين مؤيد ومعارض فأقرتها دولا ورفضتها أخرى، فما هي المسؤولية الجزائية للشخص المعنوي؟وما هي المسائل التي تثيرها؟وما موقف التشريعات الجزائية منها ؟
لدراسة هذا الموضوع قسمناه إلى أربع مباحث هي:
المبحث الاول:دراسة ماهية الشخص المعنوي
المبحث الثاني:ماهية المسؤولية الجزائية للشخص المعنوي
المبحث الثالث: شروط قيام المسؤولية الجزائية للشخص المعنوي و إجراءات المتابعة
المبحث الرابع: المسؤولية الجزائية للشخص المعنوي عن فعل الغير
المبحث الاول /ماهية الشخص المعنوي:
سنتطرق من خلال هذا المبحث لماهية الشخص المعنوي و لكل العناصر المرتبطة به ،التي يحتاجها الطالب لفهم الموضوع
المطلب الاول/تعريف الشخص المعنوي وخصائصه :
كالعادة فإن التشريعات القانونية بما فيها التشريع الجزائري لم تعرف الشخص المعنوي بموجب نص، و تركت شأن ذلك للفقه القانوني الذي أسهب في ذلك كلا حسب مذهبه و إتجاهه الفلسفي و رغم ذلك فإنها إتفقت جميعها على تحديد خصائص الشخص المعنوي الممنزحة له قانونا.
الفرع الاول/- تعريف الشخص المعنوي:
عرفه الدكتور توفيق حسن فرج على أنه " مجموعة من الأشخاص أو الأموال تهدف إلى تحقيق غرض معين ، و يمنح الشخصية القانونية بالقدر اللازم لتحقيق هذا الغرض.
وعرفها الدكتور بعلي محمد الصغير على أنه : " مجموعة أشخاص أو مجموعة أموال تتكون لأجل تحقيق غاية مشروعة بعد إكتساب الشخصية القانونية.
ويتضح من خلال هذا التعريف أن الشخص المعنوي يتكون من مجموعة من الأشخاص ( الأفراد) الذين يتمتعون بشخصيتهم القانونية المستقلة عن الشخصية القانونية الممنوحة للشخص المعنوي ، وهذا ما سنوضحه أكثر عند دراسة خصائص الشخص المعنوي ، وقد يتكون من مجموعة من الأموال تخصص لغرض معين لا يتعارض مع القانون ،سواء كان ذا طبيعة تجارية ربحية، أو ذا طبيعة خيرية ، و يحتاج لمزاولة نشاطه إكتساب الشخصية القانونية .
والغرض الذي يكتسب لأجله الشخص المعنوي الشخصية القانونية ،يكون مستقلا عن الأغراض الخاصة بالأشخاص الطبيعيين المكوننين له ، وعلى أساس ذلك فإن الأشخاص المعنوية تتنوع حسب طبيعة الغرض الذي أنشئت لأجله، فإذا كان الغرض عاما مرتبط بالسلطة العامة ، فإن الشخص المعنوي يكون من أشخاص القانون العام ، أما إذا كان خاصا فيكون من أشخاص القانون الخاص.
كما أن الشخصية القانونية التي تمنح للشخص المعنوي تكون في حدود ما يحتاجه لتحقيق أغراضه وبذلك تتحدد الأنشطة التي يلتزم بها بموجب قانونه الأساسي أو عقد إنشائه ، أو سجله التجاري فلا يتجاوزها، و على ذلك فإن المؤسسة الإقتصادية الناشطة في قطاع معين لا يجوز لها ان تنشط في قطاع آخر غير مذكور بعقد تأسيسها ، و إلا كان ذلك تجاوزا للغرض الذي أسست لأجله مما قد يؤدي إلى مساءلتها قضائيا.
الفرع الثاني/خصائص الشخص المعنوي:
يتميز الشخص المعنوي بمجموعة من الخصائص التي تميزه عن باقي الأشخاص المعنوية الأخرى كما هو الحال بالنسبة للشخص الطبيعي، وقد نصت المادة 50 من القانون المدني الجزائري عليها.
وهي: الذمة المالية المستقلة ، الأهلية القانونية ، الموطن ، نائب يعبر عن إرادته ، حق التقاضي ، و إشتراط إسما له في قوانين اخرى.
أولا/ الذمة المالية المستقلة للشخص المعنوي :
يتمتع الشخص المعنوي بذمة مالية خاصة به ، تمثل الضمان العام لدائنيه و تكون إجابية أو سلبية ، و مستقلة تماما عن الذمة المالية للاشخاص الطبيعيين المكوننين له ،ولا تكون ضامنة لديونهم الشخصية، كما أن الأموال الخاصة بالأشخاص المكوننين للشخص المعنوي لا تكون ضامنة لديونه إلا في حدود ما إستثناها القانون ، كما هو الحال بالنسبة لشركات التضامن و شركات التوصية التي تكون أموال مؤسسيها ضامنة لديون الشركة - الشخص المعنوي- ، ورغم ذلك فهذا الإستثناء لا يعني وحدة الذمة المالية وعدم إستقلاليتها ، بل تبقى الذمة المالية للشخص المعنوي مستقلة عن الذمة المالية لمؤسسيه ولكن الطبيعة القانونية الخاصة لهذه الشركات و الإعتبارات الشخصية ( شركات عائلية) يجعل أفرادهها في مركز الضامن لديونها.
المحاضرة الثانية: تابع لموضوع الخصائص
ثانيا/ الاهلية القانونية للشخص المعنوي:
بإكتساب الشخص المعنوي للشخصية القانونية تترتب له مباشرة الأهلية بنوعيها ، أهلية وجوب و أهلية أداء ، و أهلية الوجوب يتحدد نطاقها إرتباطا بطبيعة الشخص المعنوي و أغراضه ، فهو يكتسب الحقوق و يتحمل الإلتزامات التي تتوافق مع طبيعة تكوينه و هذا ما نصت عليه المادة 50/1 من القانون المدني الجزائري " يتمتع الشخص الإعتباري بجميع الحقوق إلا ما كان منها ملازما لصفة الإنسان و ذلك في الحدود التي يقررها القانون* وبذلك فإن الحقوق اللصيقة بالشخص الطبيعي كحقوق الأسرة مثل الزواج و القرابة و الميراث ،أو الحق في السلامة الجسدية ،وواجب الخدمة الوطنية فإنها لا تكون للشخص المعنوي.
وأهلية وجوب الشخص المعنوي تتقيد بمبدأ التخصص الذي يتحدد بقانونه التأسيسي او عقد إنشائه.ويرتبط بالغرض الذي أنشيء لأجله ،وهو ما نصت عليها المادة 50 ق.م بقولها " أهلية في الحدود التي يعينها عقد إنشائها أو التي يقررها القانون" و بذلك فإنه لا يجوز للشخص المعنوي أن يخرج عن نطاق تخصصه فتكون تصرفاته حينئذ غير قانونية ، فالجمعية الخيرية أو الرياضية أو الثقافية مثلا تنشأ لتحقيق أهداف معينة و محددة كتفعيل العمل الخيري و الأنشطة الرياضية و التظاهرات الثقافية فإذا حادت عن هذه الأغراض نحو أنشطة إقتصادية ، تكون قد اخلت بإلتزاماتها و تتعرض للجزاء .
أما أهلية الأداء بالنسبة للشخص المعنوي فهي تعني صلاحيته لإكتساب الحقوق و تحمل الإلتزامات و ذلك عن طريق الاشخاص الطبيعيين القائمين على تسييره ، الذين يعبرون عن إرادته و يتصرفون بإسمه و لحسابه لا بإسمهم الشخصي أو لحسابهم ،وعلى هذا الاساس تتحدد مسؤولية الشخص المعنوي المدنية منها أو الجزائية ، مقارنة بتلك المقررة للأشخاص الطبيعيين القائمين على إدارته.
ثالثا/ موطن الشخص المعنوي:
يجب أن يكون للشخص المعنوي موطنا خاصا به مستقلا عن الأشخاص الطبيعيين القائمين بشؤونه ويكون مقرا لإدارته المركزية ، الذي يشمل نشاطه القانوني و المالي و الإداري ، وهذا ما أقره المشرع الجزائري على أن يكون موطن الشركة في مركز الشركة .
وقد يكون للشخص المعنوي فروعا تابعة له داخل الوطن أو خارج الوطن ،كما هو الحال بالنسبة للشركات الصناعية الوطنية و الأجنبية المتواجدة بالجزائر ، ففي هذه الحالة إعتد المشرع الجزائري في تحديد الإختصاص القضائي للجهة القضائية التي تقع بدائرة إختصاصها إحدى فروع الشخص المعنوي وفقا لنص المادة 9 ق.إ.م.إ . التي تنص على أنه " في الدعاوى المرفوعة ضد شركة أمام الجهة القضائية التي تقع في دائرة إختصاصها إحدى مؤسساتها ، أما الإختصاص في المادة الجزائية فيؤول للجهة القضائية التي وقعت بدائرة إختصاصها الجريمة أو التي يقع في دائرة إختصاصها المقر الإجتماعي للشخص المعنوي حسب نص المادة 65 مكرر من قانون الإجراءات الجزائية " يتحدد الإختصاص المحلي للجهة القضائية بمكان إرتكاب الجريمة أو بمكان وجود المقر الإجتماعي للشخص المعنوي
و الشركات الأجنبية التي لها فرع بالجزائر ومركزها الرئيسي يقع بالخارج فإنه و بمقتضى نص المادة 50 ق.مدني. فإنه يعتد بفرعها المتواجد بالجزائر ويعتبر مركزا لها في نظر القانون الجزائري وقد عبرت عن ذلك بما يلي : " الشركات التي يكون مركزها الرئيسي في الخارج و لها نشاط في الجزائر يعتبر مركزها في نظر القانون الداخلي ،في الجزائر
رابعا/ وجود من يعبر عن إرادة الشخص المعنوي :
باعتبار الشخص المعنوي شخصية قانونية افتراضية ليس له كيانا ماديا، فإنه و لأجل تحقيق الغرض الذي أنشئ لأجله اقتضى القانون وجود شخص طبيعي يتصرف باسمه ولحسابه، ويتمثل هذا الشخص الطبيعي في أجهزته أو ممثله الشرعي الذي يعبر عن إرادته التي حددها المشرع الجزائري وهم: مسيريه القانونيين ، كالرئيس المدير العام ، المدير العام ، مجلس الإدارة ، مجلس المديرين ، مجلس المراقبة ،و الجمعية العامة .
ولقد نصت المادة 51 مكرر من قانون.العقوبات الجزائري. المعدل و المتمم، على ذلك " ... يكون الشخص المعنوي مسؤولا جزائيا عن الجرائم التي ترتكب لحسابه من طرف اجهزته أو ممثليه الشرعيين عندما ينص القانون على ذلك "
ووضحت المادة 65 مكرر 2 من القانون أعلاه طبيعة الممثل القانوني بإعتباره ذاك الشخص الطبيعي الذي يمتلك تفويضا بموجب القانون او بموجب القانون الأساسي للشخص المعنوي ، فمن خلال هذا التفويض الصريح يكون هذا الشخص ممثلا شرعيا للشخص المعنوي ينوب عنه في جميع تصرفاته و أنشطته و تعاملاته و يعمل بإسمه و لحسابه.
خامسا/ اسم الشخص المعنوي:
لكل شخص معنوي إسما يميزه عن باقي الأشخاص المعنوية الأخرى، و يتم اختيار التسمية من قبل مؤسسيه وتقيد بسند إنشائه ، ويرتبط الإسم عادة بالغرض الذي تأسس الشخص المعنوي لأجله ،و للإسم أهمية كبيرة بإعتباره عنصرا مهما تقتضيه القوانين المنشئة له، كماهو الحال بالنسبة لشركة نقاوس للمشروبات ، مؤسسة كوندور للمنتوجات الإلكترونية ، جمعية كافل اليتيم و غيرها كثير ، وقد أحاط المشرع إسم الشخص المعنوي بحماية قانونية مدنية و جزائية في حالة إستعماله من قبل الغير بهدف المنافسة غير المشروعة أو استغلال الاسم التجاري بطرق تدليسية غير مشروعة.
سادسا/ حق التقاضي للشخص المعنوي:
نص عليه المشرع الجزائري كحق من الحقوق التي يتمتع بها الشخص المعنوي و فقا لنص المادة 50 من ق.م. ويجب أن يقيد هذا الحق بسند إنشائه.
فمن خلال هذا الحق يكون للشخص المعنوي الأهلية القانونية للدفاع عن حقوقه أمام الهيئات القضائية كمدعي أو مدعى عليه أو مدخلا في الخصام ، ويتمتع حينئذ بكافة الحقوق المضمونة لأطراف الخصومة القضائية ، وينوب عنه بطبيعة الحال ممثله القانوني أو من يتم تفويضه من قبل هذا الأخير أو بتكليف محام للدفاع عنه .
المحاضرة الثالثة:
المطلب الثاني/ أنواع الأشخاص المعنوية :
نصت المادة 49 من القانون المدني. المعدل و المتمم على أن الأشخاص الاعتبارية هي :
-الدولة ، الولاية ، البلدية.
- المؤسسات العمومية ذات الطابع الإداري.
- الشركات المدنية و التجارية .
- الجمعيات و المؤسسات .
- الوقف
- كل مجموعة من اشخاص او اموال يمنحها القانون شخصية قانونية.
ومنه فالأشخاص المعنوية تنقسم إلى أشخاص معنوية عامة و اخرى خاصة ، ولكل منها نظامها القانوني و أحكامها الخاصة .
الفرع الأول/ الاشخاص المعنوية العامة :
تتمثل في كل الأشخاص المعنوية التي تخضع لأحكام القانون العام ،و على رأسها الدولة و هيئاتها كالولاية و البلدية، و التي يتقيد إختصاصها و سلطاتها في حدود إقليمها ،و تتولى تسيير شؤون المرافق العمومية ، وتسهر على خدمة الصالح العام ، وهناك المؤسسات العامة التي تختص بأداء وظائف معينة ذات طابع مرفقي محدد، و تشمل كافة المرافق العامة الخدماتية كالمؤسسات الجامعية و المستشفيات و المؤسسات الصناعية و المالية ذات الطابع العمومي ،و من ضمن هذه الفئة من الأشخاص المعنوية العامة من يخضع لقواعد القانون الخاص ، كما هو الحال بالنسبة للمؤسسات العمومية الإقتصادية التي تخضع لقواعد القانون التجاري .
الفرع الثاني/ الأشخاص المعنوية الخاصة :
هي اشخاص القانون الخاص و قد تكون جماعة من الاشخاص التي تجتمع لتحقيق غرض معين ذا طبيعة ربحية كالشركات التجارية أو ذا طبيعة خيرية كالجمعيات الخيرية ، أو الثقافية أو رياضية، كما أن هذا النوع من الأشخاص قد يكون مجموعة من الأموال التي يتم رصدها لتحقيق غرض معين كالمؤسسات الخاصة التي تنشأ بتخصيص مالي و لمدة غير معينة للقيام بأعمال ذات طبيعة إنسانية كالرعاية الإجتماعية أو النشاطات الدينية أو العلمية أو الفنية دون قصد الربح.
و يدخل في هذا النوع من الأشخاص المعنوية الخاصة كذلك نظام الوقف الذي أقره المشرع الجزائري مستمدا إياه من الشريعة الإسلامية ، وهو حبس الاموال على أن تكون مملوكة لأحد و جعلها على حكم الملك لله سبحانه وتعالى ، ومن ثم التصدق بريعها على جهة من حهات الخير في الحال أو في المآل ونصت عليى الوقف المادة 213 من ق.أسرة.جزائري.: الوقف حبس المال عن التملك لأي شخص على وجه التأبيد والتصدق.
كما عرفته المادة 3 من قانون الاوقاف و الوقف بانه : " هو حبس العين عن التملك على وجه التأبيد و التصدق بالمنفعة على الفقراء أو على وجه البر و الخير "
و الوقف وفقا لأحكامه القانونية له شخصيته القانونية و كيانه الخاص به كشخص معنوي معترف به، و يتم تسييره من قبل أشخاص طبيعيين يمثلون جهازه الإداري.