دروس مقياس : مدخل الى الأدب المغاربي المكتوب باللغة الفرنسية
الفئة المستهدفة: السنة الثانية
الأستاذ: عمور إبراهيم
السنة الجامعية: 2122/2023 المحاضرة الأولى لمحة عن الأدب المغاربي عبارة المغرب العربي كثيرة الالتباس حول معناها وحقيقة البلدان التي تشكلها إلى حد
الآن، فخلف هذا المصطلح تقف مجموعة من القضايا التاريخية والثقافية التي لها صلة بالاستعمار، لتحكي
عن جهود الاقليم نحو محاولة
الحصول
على هوية متفردة بالعودة إلى قيم الذات قبل الاحتلال. إن ما يجمع المغرب العربي
كان دائما التاريخ والجغرافيا واللغة الأمازيغية ثم إنضافت إليها اللغة العربية
بعد دخول الإسلام ومع "صدمة الحداثة" التي كان وراءها الاستعمار الغربي،
دخل "مشترك جديد" على الوجود الثقافي المغاربي: فرنسي وإسباني وإنجليزي.
لتبقى اللغة العربية الأقوى حضورا من بين كل لغات الأدب المغاربي المكتوب، رغم
تغلل الفرنسية في أوساط المفكرين المغاربيين. وعليه، فالأدب
المغاربي" مصطلح فرضته حقبة تاريخية يقصد به ثلاث دول كانت تحت سطوة فرنسا وهي تونس والجزائر والمغرب
ثم أصبح بعدها يشمل جغرافيا أكثر من دولة وهي ليبيا، موريتانيا، لذا فإن الحديث عن
مصطلح الأدب المغاربي يطرح عدة إشكاليات، على مستوى التسمية وعلى مستوى
الفرادة عن نظريه المشرقي خاصة بحكم اللغة والانتماء وما إلى ذلك، ذلك أن الأدب
أدب يبقى عبارة عن تجارب فردية ابداعية لها قوانينها الخاص رغم صلته العميقة
بالتحولات السياسية والمجال الثقافي . يؤكد الباحثون المهتمون
بالأدب المغاربي أن هذا المصطلح عرف وسط الباحثين في الخمسينيات بالتوازي مع جهود
منشورات "لوسي الفرنسية التي كانت متهمة
بإبداعات المغاربة مثل مولود فرعون، محمد ديب ومحمد خير الدين، ألبير ميميه، لينتشر في
السبيعينات مع التوجه الذي عرفه هذا الأدب في مقاومته للاستعمار ومحاولته تكوين
ذاته المستقلة، ليستخدم في بعض البحوث العلمية كتلك التي قدمتها عبد الكبير
الخطابي في رسالة الدكتوراه التي قدمها بعنوان "سوسيولوجيا الرواية
المغاربية" بجامعة السربون وكذا المقالات التي نشرها شارل بون
حول "الأدب المغاربي"، وجون ديجو
صاحب كتاب "الأدب المغاربي". طبعا مصطلح الأدب
المغاربي قد يدفع الباحث الى الاحتفاء بـالمشترك بين الآداب المغاربية دون تجاهل
المختلف فيه، ولعل الجانب المشترك فيه يتمثل في شبه الإجماع على الحاجة الملحة
لنهضة مغاربية شاملة، وعلى ضرورة تحديث المجتمع المغاربي"، أما التنوع فيأتي
من التوزيع الجغرافي لهذا الأدب النامي الذي صارت بموجبه تونس عاصمة للشعر
في المغرب العربي، والجزائر عاصمة للرواية، في حين صار المغرب عاصمة للقصة
القصيرة. وللبيئة المغاربية دورا بارزا في خصوصية الأدب المغاربي، من
حيث طبيعة الموضوعات التي يتناولها الأدباء وخصوصيات تتعلق بالشكل واللغة أيضا،
فالى جانب كون البيئة المادية دورا مهما في حياة الشعوب سياسيا واجتماعيا ونفسيا
فان لها أيضا دورا في الأبعاد
العامة التي تتميز بها الأمة فكريا وأدبيا، لقد تعاقبت على بلاد
المغرب العربي مراحل مختلفة منذ أن قدم الاسلام اليها فشهد تحولات في شتى
الميادين، من أحداث سياسية وتاريخية شكلت معالمه الحضارية والفكرية وطبعته بطابع
خاص، اضحى فيها مغرب عربي بحدود جغرافية واضحة وأطراف شاسعة تمتد من ليبيا شرقا ثم
تونس والجزائر الى غاية المغرب الأقصى غربا، دون أن ننسى اقليم موريتانيا جنوبا
والصحراء. هذه المعالم الجغرافية المتنوعة تحكمت في حياة الأفراد وتصرفاهم المادي
والوجداني ويكفي للباحث مثالا أن يعود الى التاريخ ليعرف ما عايشته هذه
الأقاليم الجغرافية بعد الفتح الاسلامي من مؤثرات خارجية بسبب قربها من البحر
المتوسط ودورها الريادي في تاريخ اوروبا بدءا بالأندلس وصولا الى العصر الحديث.
هذه البلدان التي دخلت في تشكيل عناصرها البشرية عناصر بربرية وهم السكان الأصليون
للمنطقة وعناصر عربية دخلت المغرب العربي مع الفتح. لذا فإن كل من يقترب من هذا
الأدب سيحاول أن لا يتغافل عن خصوصيته التي تميزه عن نظيره المشرقي رغم كون هذا
الأخير سببا فاعلا في ظهوره وتكونه عبر العصور، اذ يجب مراعاة لطبيعة المنطقة او
خصوصياتها الحضارية بدأ الأدب المغاربي
يتطور بصمت إلى أن قفز قفزة نوعية وشكل حضورا قويا ومميزا وخصوصا في مجال النقد،
سبق المشارقة بأشواط كبيرة وكثيرة. والآن بدأ يتم الاعتراف بأن المغرب أنتج نقدا
جديدا ونظريات نقدية جديدة بالنسبة للإبداع وأصبح مواكبا أكثر. إن ما سبق، يدفعنا
إلى القول، بأن مسار الأدب المغاربي، بشقية الإبداعي والنقدي، قد حقق تراكما نوعيا
وكميا، مما يدفعنا إلى التأكيد على أهمية هذا الخطاب، وما يشكله من قيمة مضافة،
ليس للأدب المغاربي، ولا العربي، بل والعالمي أيضا.. لأن هذا الأدب أصبحت له
خصوصياته وعوالمه وقضاياه، فصار لنا في الأدب العربي المعاصر، تنوعا قل نظيره بين
الآداب الأخرى.